آخر المواضيع

مرحباً بكم على موقع ((لا صوفية في الإسلام)) تجدون في هذا الموقع : مقالات، صوتيات، كتب، مرئيات، وغيرها من الفوائد والفرائد والكنوز. نتمنى لكم متابعة ممتعة ومفيدة..

السبت، 12 جانفي 2013

:: ردُّ المفتي بالمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن محيي الدين على مفتي مصر علي جمعة::

 
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :
فهذه الحلقة الأولى من رد شيخنا الفاضل الشيخ عبدالرحمن بن صالح محيي الدينحفظه الله تعالى – على مفتي مصر : الشيخ علي جمعة – هداه الله .
(نسخة مصححة ومنقحة من قِبل الشيخ عبدالرحمن محيي الدين –حفظه الله - )

قال الشيخ عبدالرحمن محيي الدين حفظه الله :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد :
مفتي مصر الشيخ علي جمعة هداه الله يجيز شرب بول الآدمي ولا مانع لديه من أكل العذرة قياساً وهذه بركة التصوف وشطحاته , ورحم الله الإمام الشافعي حيث يقول : ( ما دخل أحد في التصوف أول النهار إلا ذهب عقله آخر النهار ) .

والشيخ علي جمعة ليست هذه أولى شطحاته وغلوه في المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث أجاز شرب بول المصطفى صلى الله عليه وسلم تبركاً , بل صوفياته ظهرت للقاصي والداني .

والتصوف والصوفية بصفة عامة ليست من الاسلام في شيء والحمد لله لم يرد ذكرها في القرآن ولا في السنة المطهرة ولا في كلام الصحابة رضوان الله عليهم ولا في كلام التابعين لهم بإحسان وإنما ظهر – التصوف - متأخراً لمّا دخل الأعاجم في الإسلام وضعفت اللغة العربية في ألسنةِ بعض المسلمين فضعف مفهوم الإسلام الصحيح عندهم , في عقولهم وأفهامهم .

والغلو أيضاً ليس من الإسلام في شيء فقد نهانا ربنا جل وعلا عن الغلو وكذا نبيه صلى الله عليه وسلم الناصح الأمين , والغلو والتطرف سيان وهما وجهان لعملة واحدة , ينتجان خللاً وانحرافاً في الفهم – فهم الأمور على حقيقتهاوكذا سلوك العبد وعمله , فما بالك بأعظم الأمور وهو توحيد الله جل وعلا فلا غرابة أن نرى الشرك ومظاهره في فتاوى هذا المفتي هداه الله , والشيطان متربص بالإنسان وهو له بالمرصاد , كالذئب يتربص بالشاة يريد أن يفترسها , والشيطان يريد أن يغوي ابن آدم ويضله , نعوذ بالله جل وعلا من وسوسته ونزغاته ومن همزه ونفخه ونفثه , ونعوذ بك يا الله من أن نَضل أو نُضل أو نَزل أو نُزل أو نَظلم أو نُظلم .

والشيخ علي جمعة هداه الله غالي في المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذه بركة التصوف فقد أباح شرب بوله صلى الله عليه وسلم تبركاً واعتبره أنه صلى الله عليه وسلم خلاف البشر , والله عز وجل يقول في كتابه الكريم العظيم ويؤكد على أنه بشر }: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ  , { وكذا المصطفى صلى الله عليه وسلم يؤكد ذلك وأنه يجري عليه مايجري على البشر إلا ما اسثني كما أخبر أن الأرض لاتأكل أجساد الأنبياء وغيرها من الخصائص , وأما ماعدا ذلك مما لم يرد فيه استثناء أو تخصيص فهو كسائر البشر صلى الله عليه وسلم وبما أن البشر يتفاوتون في صفاتهم في القوة والصحة والذكاء والشجاعة والكرم والحلم والعقل والصفح وكذا كل الصفات البشرية الحسنة وكذا الصفات الذميمة السيئة , فصلوات الله وسلامه عليه وفداه أبي وأمي فهو خير البشر وصفاته أفضل الصفات في البشرية التي مثّلها صلى الله عليه وسلم فنصيبه منها أعظمها وأفضلها وأحسنها فهو في مكان الذروة فهو المصطفى المصفّى من البشرية , فهو الكمال البشري حسّاً ومعنى وقد كمل من الرجال كثير كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم لكنه كما قال الله تعالى} : يُوحَى إِلَيَّ { والكمال المطلق لله جلّ وعلا والمصطفى صلى الله عليه وسلم هو بشر يصيبه مايصيب البشر يأكل الطعام ويشرب الماء ويجوع ويتعب وينصب ويمرض ويتألم ويبول ويقضي حاجته ويحتجم ويخرج منه الدم كسائر البشر ويتزوج وينكح ويولد له وولده منه صلى الله عليه وسلم كفاطمة بضعة منه , ومنها ذريته وهم بيننا كسائر البشر صالحُهم كصالحِهم وفاسدُهم كفاسدِهم لايتميزون إلا بالتقوى} : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } , { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ  , { ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه, لا نغالي فيه ولانقول كما قالت النصارى لاهوتاً دخل في الناسوت , قال الله تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{ .

فالغلو في المصطفى صلى الله عليه وسلم وصل بالمفتي إلى هذه الدرجة الآنفة الذكر ألا وهو طهارة بوله وجواز شربه والتبرك به , ولا مانع عند هذا المفتي هداه الله أكل برازه صلى الله عليه وسلم قياساً على بوله , وهذا مالم يقله عاقل من عقلاء البشر , وهذا من بركة التصوف أولا وأخيراً وإلا لو كان مايخرج منه طاهر إذاً لماذا يستنجي صلى الله عليه وسلم ويتوضأ ويغتسل من الجنابة وغيرها إذا كان كل مايخرج منه طاهراً !

وهذه الفتوى الآثمة نقلتها جريدة المدينة في ملحق الرسالة , الجمعة 15/ جمادى الأول / 1428 هـ , وهذه الفتوى الضالة دلل لها المفتي وسوغ لها بحادثة أم أيمن بركة الحبشية وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان له قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه من الليل " , أخرجه أبو داوود والنسائي والحاكم والبيهقي وقال الحاكم : ( صحيح الإسناد ) ووافقه الذهبي وإلى هنا والحديث صحيح , صححه جمع من الأئمة ومنهم شيخنا الألباني رحمه الله في صحيح أبي داوود [1/35] , لكن الزيادة وهي شرب بوله من هذه الأمة بركة الحبشية هي زيادة شاذة منكرة لاتصح فلا يعول عليها ويبنى عليها حكم , والعلماء قاطبة لم يلتفتوا إليها وضعفوها .

وعلى فرض صحتها فهي كما نقل الحافظ بن حجر في الإصابة في ترجمة أم أيمن [13/179] : ( أنها نامت ليلة وهي عطشانة فغلطت فشربتها , فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إنك لاتشتكي بطنك بعد يومك هذا " ) , قلت فالحمدلله أنها شربت البول عن طريق الخطأ والغلط لا عن طريق العمد وقد قال الله عز وجل} : رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا  , { قال الله " إني فعلت ...الحديث " , فالخطأ لا يؤاخذ الإنسان به لكن ماتعمد به وعاند نعوذ بالله من الضلال والهوى .

وقد يتحذلق متحذلق ويكابر مكابر ويقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها بدلالة قوله " إنك لا تشتكي بطنك ... " ؛ قلت : قوله " إنك لاتشتكي بطنك ..." دعا لها أن لاتشتكي بطنها أي لاتمرض , أي يذهب عنها المرض بسبب شرب البول , حيث أن تناول الانسان للشيء المحرم كالبول وغيره يؤذي الانسان ويمرضه ولو عن طريق الخطأ , فقوله لها ذلك دعاء لها وتسلية أن الله يشفيها من الأذى بسبب تناول البول المحرم تناوله لا أنه بارك فعلها وأقرها .

وأيضاً لو أن المفتي هداه الله رد ما اشتبه عليه من هذه الحادثة إلى المحكم من ذلك وهو أن المصطفى صلى الله عليه وسلم بال مراراً لا تعد ولا تحصى وكذا قضى حاجته مراراً ولم يؤثر في حادثة من ذلك أنه تُبرك ببوله صلى الله عليه وسلم , ولم يُؤثر عن الصحابة البررة الكرام كلهم عن بكرة أبيهم أنهم استقبلوا بوله صلى الله عليه وسلم وتبركوا به أو عذرته لعلمهم أنها كسائر النجاسات ولم يجمعوها في إناء أو غيره هم أنزه من ذلك فدل ذلك على أنه في ذلك الأمور كسائر البشر وهذا هو المحكم من ذلك فإذا جاءت هذه الحادثة وهي : -

أولاً : ضعيفة ومنكرة والحمدلله .
ثانياً : عن خطأ وعدم تعمد ولكنها اشتبهت على البعض كهذا المفتي فترد إلى المحكم ولا يلتفت إليها , ولذا لم يبحث العلماء فيها حتى جاءنا هذا المفتي وغال في المصطفى صلى الله عليه وسلم هذا الغلو البارد .

والمفتي المومأ إليه هداه الله له شطحات وضلالات صوفية كثيرة أسأل الله أن يتوب عليه منها .

فقد ناولني أحد الطلاب النجباء كتيبا صغيرا يسمى (( البيان القويم لتصحيح بعض المفاهيم )) وهي مجموعة بعض فتاوى لهذا المفتي هداه الله يزعم أنه يدحض الشبهات ويجمع الشتات وهو يدحض التوحيد ويسوّغ للشرك في أمة الإسلام فحسبنا الله ونعم الوكيل وعزائنا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " إن الله لاينزع العلم منكم بعدما أعطاكموه انتزاعاًوفي روايةإن الله لايقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " .
إن الفتاوى التي ظهرت من هذا المفتي هداه الله في هذه الرسالة يزعم فيها أنه يجمع الشتات فإنه هدم عقيدة التوحيد في صدور العامة ومن سار على سبيلهم .

والكتيب اشتمل على [ 32 ] سؤالاً وإجابةً على الأسئلة أجاب عليها هذا المفتي وكلها تتعلق بالعقيدة والغلو في المصطفى صلى الله عليه وسلم وسؤاله والتوسل به والحلف به كقول القائل : ( والنبي ) وغير ذلك , وإني سأستعرض بعض الأسئلة والتعليق عليها والله المستعان .

السؤال الأول :
هل عبارة : ( لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماخلق الله الخلق ) هل هي صحيحة المعنى ولا تتعارض مع أصول الدين وأساسيات الاعتقاد الصحيح وماهو معناها؟

وأجاب جواباً تمحل فيه لِيجوز تلك العبارة وأنها لاتتناقض مع الإسلام وأصول العقيدة بقوله تحقيق العبادة هي حكمة الخلق والعبادة لاتتحقق إلا بالعابدين وأفضل العابدين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو عنوان العبادة وعنوان التوحيد .
قلت : وهذا الكلام فيه لف ودوران ووسوسة شيطان .

فإن الآية صريحة ويعرفها صغار طلبة العلم قوله جلّ وعلا} : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  {والحمدلله فخلق الله الخلق كلهم لعبادته ومن ضمنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يخلق الله الخلق لأجل محمد صلى الله عليه وسلم ولا لغير محمد وإنما لعبادته وتعظيمه كما أخبرنا جلّ وعلا , وهذا غلو مفرط في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعدم تعظيم الله العلي الأعلى الغني المالك , والبشر كلهم مفتقرون إليه الأنبياء والرسل وغيرهم ممن خلق الله جلّ وعلا قال تعالى} : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ { وقال في آية أخرى } إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ { فقول المفتي أن تلك العبارة منسجمة تمام الإنسجام مع أصول التشريع الإسلامي وسوسة شيطانية وذريعة إلى الشرك وغلو مفرط في المصطفى صلى الله عليه وسلم , فهي كلمة باطلة ينبغي للمسلم أن يتوب منها .

السؤال الثاني :
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم نور أم هو بشر مثلنا كما أخبر القرآن ؟
فأجاب المفتي هداه الله بقوله : ( إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان نوراً , ولاينبغي أن ننفي أن ذلك النور كان حسيّاً فليس هناك مايتعارض مع كونه كان منير وأنه صلى الله عليه وسلم نور حسي مع أصل العقيدة ) .

قلت : تمام الآية من سورة المائدة آية [15] قوله جل وعلا : { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } فالنور هاهنا وصف للمصطفى صلى الله عليه وسلم حيث بعثه الله لهداية العباد وبيان طريق الحق لهم وهذا هو النور الحقيقي ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور , وليس ذاته صلى الله عليه وسلم نوراً قال تعالى { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } أي تبين لهم طريق النجاة الذي ينجيهم من المهالك وينفي عنهم الضلال وهذا هو النور الحق يخرجهم من الظلمات إلى النور, وأعظم الضلال والهلاك والظلم والظلام هو الشرك بالله جل وعلا وسائر المعاصي من البدع والمحدثات فإن هذه تُظلم قلب العبد فتدعه لايبصر الحق والتوحيد ومن ذلك هذا الغلو المفرط في المصطفى صلى الله عليه وسلم من هذا المفتي .

ولا إشكال أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان أجمل الخلق وأبيض البشرة ووجهه كالبدر وليس معناه أن وجهه نوراً حسيّاً وإنما عليه البهاء والمهابة والنضرة وقد قال صلى الله عليه وسلم : " نضّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها " وهذا دعاء منه صلى الله عليه وسلم لأهل الحديث الذين يحفظون كلامه على وجهه الذي عناه المصطفى صلى الله عليه وسلم ويؤدونه أن يبيض الله وجوههم وينورها , لا الصوفية الذين يتبعون أهوائهم ويحرفون كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم على أهوائهم فإن وجوههم مظلمة , وصدق ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } قال : ( تبيّض وجوه أهل السنة وتسوّد وجوه أهل البدعة ) , والبدعة هاهنا مطلقة فكل صاحب بدعة يسوّد وجهه على حسب بدعته التي ابتدعها سواء كانت بدعة التصوف أو بدعة التشيع أو بدعة التحزب أو بدعة التمذهب بالمذاهب الباطلة وكذلك بدعة التعصب للرجال والأقوال الفاسدة - وأي بدعة خلاف السنة - حاشا الوحيين فإن المؤمن مأمور أن يتعصب لهما وأن يعتصم بهما فإنهما هما العصمة والنجاة والهداية والنور .
والمفتي هداه الله في تسويغه في هذا الباب هو ضال ويضلل عباد الله فالله حسيبه .
ثم الأسئلة التالية وكلها أو معظمها جانب فيها الصواب هداه الله .

السؤال الثالث :
هل النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره ؟ وما مدى أثر تلك الحياة علينا في حياتنا الدنيا ؟
فأجاب بقوله : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره بروحه وجسده ) .

قلت : وهذا ضلال , يجب أن يقيد بأنها حياة برزخية ليس كحياته في الدنيا لا يعلم حقيقتها إلا الله جل وعلا , وإلا فإنه يدفن وهو حيٌ فهذا تعذيب له صلى الله عليه وسلم وهو كفر , والصحابة مبرؤون من ذلك فإنهم رضوان الله عليهم لم يدفنوه حتى تيقنوا أنه مات وتوفي وخرجت روحه من جسده ولذا قالت فاطمة رضي الله عنها من شدة حزنها عليه : ( ياأنس كيف طابت نفوسكم أن تهيلوا التراب على رسول الله ) , وقد جاء في الحديث : " إكرام الميت دفنه " . 

ولكن الصوفية يعتقدون أنه حي كحياتنا بدلالة أنهم يعتقدون أنه يخرج من قبره ويغيث فلان وعلان وهذا هو الشرك الذي زينه الشيطان للعباد ليفصلهم عن ربهم ويربطهم بالمخلوقين ويصدهم عن الخالق ولذا فإن الصوفية يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُرى يقظة بدلالة السؤال الرابع الذي سُئله المفتي .

السؤال الرابع :
وهو هل يمكن فعلاً أن يُرى الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء اليقظة ؟
فخلص المفتي وخلط هداه الله بقوله : ( إن رؤية الصالحين للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة قد تحدث ولا يوجد مانع عقلي أو شرعي يمنعه ) .

قلت : ولعله استند إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " من رآني في المنام فسيراني في اليقظة لا يتمثيل الشيطان بي " قلت فقوله " من رآني في المنام " هذا خبر يدل على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأن رؤيته في المنام لا إشكال فيها وأن ذلك ليس رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم نفسه وذاته وإنما كما قال القرطبي ونقله الحافظ عنه بقوله : ( قد تقرر أن الذي يرى في المنام أمثلة للمرئيات لا أنفسها - أي ذاتها – غير أن تلك الأمثلة تارة تقع مطابقة وتارة يقع معناها ) أ.هـ .
قلت : إذا فتلك الأمثلة التي يراها الرائي في رؤياه قد تكون مطابقة لما في الحقيقة وقد تكون معناها , أي أن رؤية الرائي لايرى ذات الشيء بذاته وإنما يرى أمثلته و مايطابقه أو مافي معناه , إذا فقوله صلى الله عليه وسلم : " فسيراني في اليقظة " أي فسيرى مايطابقه في اليقظة أو مافي معناه هذا إن صدقت رؤياه , وإلا فالشيطان يتلاعب بكثير من أصحاب الأهواء ويظن أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو لم يره , ولذا قال علماء التعبير كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( إذا قال الجاهل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يُسأل عن صفته فإن وافق الصفة المروية الصحيحة أي ما ثبتت بالأسانيد الصحيحة وإلا فلا يقبل منه ) , وقد ذكر الحافظ رحمه الله ستة أقوال أو أكثر في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : " فسيراني في اليقظة " , وقد ورد أيضاً : " فقد رأى الحق " .
والذي يظهر لي - والله أعلم - أنه من رآه صلى الله عليه وسلم في منامه على الصفة الحقيقية الصحيحة التي كان عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم حال حياته والتي ثبتت بالأسانيد الصحيحة وهي حياة الإسلام الصحيح الذي أنزله الله على رسوله وعمل به المصطفى صلى الله عليه وسلم كما يحب الله والذي لم يشوبه أي خلط من الأهواء والمذاهب والطرق بل كان صلى الله عليه وسلم هو الذي طبق الإسلام الحق وهو الدين الحق فمن رآه على ذلك فقد رأى الحق وهو الإسلام الصحيح ثم بعد ذلك تلك الرؤيا انعكاس لحال الرائي وموقفه من الحق وهو الإسلام الصحيح فقد تكون له بشارة وقد تكون له نذارة بحسب تمسكه وعمله بالإسلام الصحيح الحق , وأما مايدندن حوله الصوفية الضالة من أن المصطفى صلى الله عليه وسلم يخرج من قبره ويرونه بذاته الشريفة فهذا ضلال لا يقول به عاقل فضلاً عن المؤمن الصادق الإيمان .

وإلا لماذا الصحابة رضوان الله عليهم دفنوه وأهالوا عليه التراب على جسده وذاته وهم أصدق الناس إيماناً به ومحبة له صلى الله عليه وسلم ولم يروه يقظة بعد أن دفنوه إلى أن لحقوا به صلى الله عليه وسلم , وقد قال لهم صلى الله عليه وسلم : " اصبروا حتى تلقوني على الحوض " , بقيت حياته في قبره وهي حياة برزخية تختلف تماماً عن حياتنا هذه الدنيوية ولا يعلم حقيقتها إلا الله جل وعلا .
والمصطفى صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى كما أخبر في آخر حياته حيث قال : " اللهم في الرفيق الأعلى " فالمفتي هداه الله ارتكب محظوراً وهو المغالاة في المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان الأصل في ذلك أن يقف حيث وقف الصحابة رضوان الله عليهم والأئمة من بعدهم ومن تبعهم بإحسان , ولو كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يُرى يقظة بذاته ويخرج من قبره ويُخاطب العباد لخرج لأصحابه وخاطبهم فيما اختلفوا فيه , وهؤلاء الصوفية المتأخرين ليسوا بأفضل من الصحابة المتقدمين .

السؤال الخامس :
ماحكم تسويد النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وخارجها ؟

وأجاب المفتي هداه الله بضلال آخر وهو أنه ( يجوز أن يسوّد المصطفى صلى الله عليه وسلم في الصلاة والآذان وغيره ) .
قلت : والصحابة رضوان الله عليهم كلهم عن بكرة أبيهم لم يفعلوا هذا الأمر وكذا التابعون ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا وإن شاء الله إلى يوم الدين , إلا الصوفية الضلال المغالين في الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم غلواً بارداً لا يفعله مؤمن صادق الإيمان متبعاً له حقيقة الاتباع حيث قال : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم " , والصحيح أنه لايجوز تسويده في الصلاة أي في التشهد , وأما خارج الصلاة فلا إشكال أنه سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه وفداه أبي وأمي .

السؤال السادس :
حكم الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فيتجرأ المفتي الصوفي ويقول الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته لأنه أصل الأصول وذهب يتشبث بشبهات وأمور هي أبعد عن الاحتفال وقد عُلم أن أساس المولد والحمدلله أنه من الفاطميين الضلّال ولم يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا الأئمة المتبوعين بإحسان إلى يومنا هذا كالأئمة الأربعة , والذي يظهر والله أعلم أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة منكرة لم تكن على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم , ويكفينا ماكفاه صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه ولانغير ولانبدل ونسأل الله جل وعلا أن يرزقنا حبه صلى الله عليه وسلم الحب الصحيح واتّباعه والثبات على ماكان عليه وأن يحشرنا معه فقد صح عنه أنه يذاد أناس عن حوضه من أمته وعليهم سيما السجود فيقول : " أصحابي أصحابي , فيقال له : لاتدري ما أحدثوا بعدك ؟ " نسأل الله السلامة من أن نذاد عن حوضه صلى الله عليه وسلم , فمن أحدث في دين الله جل وعلا مالم يأذن به الله معرض للذود عن حوضه صلى الله عليه وسلم في يوم هو أشدّ حاجة إلى جرعة ماء إلا أن يتوب .


السؤال السابع :
وهو الإتيان إلى قبره صلى الله عليه وسلم وسؤاله والاستغفار استشهاداً بالآية : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } .

فذكر المفتي قصة موضوعة وضعيفة صاحبها أعرابي مجهول واستدل بها المفتي على جواز ذلك حتى يقع في الشرك ويوقع غيره وهذا من وسوسة الشيطان له لأن سؤال الأموات والطلب منهم لا إشكال أنه شرك .

والآية عقلاً وشرعاً هي في حال حياته وليست بعد وفاته بدلالة أن الصحابة رضوان الله عليهم وهم أفهم الناس لذلك لم يكن أحد منهم يأتي إلى قبره صلوات الله وسلامه عليه ويطلب منه ويسأله الاستغفار ولا يستطيع أي عبد على وجه الأرض مفتي أو غيره أن يثبت ذلك , والصحابة رضوان الله عليهم أفهم الناس للإسلام فالحمدلله نستغفر الله ليلاً ونهاراً في أي مكان كان فالله حاضر بعلمه وعالم وغفار ويسمع دعاء من دعاه ويُجيبه ولانحتاج إلى وسوسة الشيطان للشرك الذي أضل به عباد القبور.

ونسأل الله أن يتوب على هذا المفتي من هذا الضلال الذي ضل ويضلل العباد به .

السؤال الثامن :
وهو التوسل بالمصطفى صلى الله عليه وسلم ؟
وأظهر المفتي الشرك في فتياه حيث أجاز التوسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء أي ينادي النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوه وذكر قصصاً باطلة زينها له الشيطان ليصده عن الله جل وعلا وردّ على شيخ الاسلام ابن تيمية وغمزه حيث قال : ( لاعبرة لمن شذّ كابن تيمية ) , وادّعى الأجماع على صحة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا من ضلاله نسأل الله أن يهدينا إلى الصراط المستقيم .

السؤال التاسع :
الحلف بغير الله كقوله ( بالنبي أو بالكعبة وسيدنا الحسين وغلاوته عندك ) وما شابه ذلك ؟
وكعادته تمحلّ في الجواب وأن هذا ليس بحلف وإنما ترجي وتأكيد للكلام حيث قال وبناءاً على ذلك فإن الترجي وتأكيد الكلام بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل البيت أو غير ذلك مما جاء في السؤال مما لا يُقصد به حقيقة الحلف هو أمر مشروع لا حرج على فاعله .

أقول أدوات الحلف هي الواو ( والله ) والباء ( بالله ) والتاء ( تالله ) وهاهنا تعظيم بأدوات الحلف بالواو والباء والتاء والحلف هو التعظيم , فلولا الكعبة عظيمة ومعظمة وكذا النبي صلى الله عليه وسلم وكذا الحسين وغيره مما يعظم في نفوس بعض الناس لما أقسم به وحلف به وعظمه وجعله مساوة للرب جل وعلا ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " لاتقولوا والكعبة ولكن قولوا وربّ الكعبة " .
والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول : " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " ويقول : " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " .
ولماذا لا يوجه العباد إلى الخط المستقيم بل يسوغ للخط المعوج ويتركهم على ماهم عليه فالله المستعان .

يتبع ...


عدد زوار الموقع