آخر المواضيع

مرحباً بكم على موقع ((لا صوفية في الإسلام)) تجدون في هذا الموقع : مقالات، صوتيات، كتب، مرئيات، وغيرها من الفوائد والفرائد والكنوز. نتمنى لكم متابعة ممتعة ومفيدة..

الثلاثاء، 29 جانفي 2013

::مظاهر اتِّحَادِ الصوفية بالشِّيعة الباطنيَّة::




مظاهر اتِّحَادِ الصوفية بالشِّيعة الباطنيَّة
بقلم :
العلاَّمة الشَّيخ السَّلفي أبو يعلي الزواوي – رحمه الله



قال الشَّيخ السَّلفي أبو يعلي الزواوي - رحمه الله : 
 " إن الإسماعيلية والموساوية أو الاثنـي عشرية والإمامية والباطنية – من الفرق الإسلامية – قالوا : لن تخلو الأرض قط من إمام ظاهر وباطن وبأن لكل باطن ظاهرًا ولكل تنزيل تأويلاً ، ولقيت هذه الفرق من الاضطهاد في القرن الثَّاني الهجري ما لقيت ، لغلوها وبدعها ، ثم ما كادت تضمحل أواخر القرن الثاني ، حتى ظهر رجل ودلس ، اسمه عبد الله بن ميمون من فارس محط الغلاة من الرافضة والشيعة ، فأراد أن يستعمل الإسماعيلية لأغراضه ، فادعى أنه شيعي غيور ، وهو في الحقيقة دهري لا يعتقد بشيء ، وأسس الإسماعيلية جمعية ، هكذا صار الإسلام جمعيات سرِّيَّات باطنيات ذوات المكاشفات ، واستعمل لذلك من الدهاء والحيل ما لا مزيد عليه ، ورتبها على تسع رتب ، لا يرقى أحدٌ من رتبة إلى ما فوقها إلا بالاستعداد والأهلية .
قلت : ولا يَبْعُدُ أن تكون درجات وتلقينات المتصوفة من هذا القبيل ، فليحذروا كلَّ الحذر ، وإلاَّ فالصحابة وجميع التابعين لم يكن ليُعْرَفَ عندهم تلقين الأسرار والأسماء والأذكار لامرىءٍ دون امرىءٍ ، كما سئل علي رضي الله عنه عن ذلك ، أي : وهل خصَّهُم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بشيءٍ أو لا ، فأجاب بالسلب ، وكذلك لم يُعْرَفْ في السلف الصالح هذا صوفي وهذا غير صوفي ، وكذلك لم يُعرف عندهم اسم القطب والغوث ، والأبدال والديوان والمتصرفين في الباطن وفيما وراءَ الحسّ (1) والقول بوحدة الوجود ، وهذه كلها كما نبَّه عليها أبو حيان في تفسيره ، وابن خلدون في مقدمته ، وأنَّ القائلين بها الغلاة من الشيعة مثل محيي الدين وابن العربي وابن الفارض وابن العفيف والنجم الإسرائيلي وابن سبعين المخالطين للإسماعيلية الباطنية ومن سلفهم منهم الخ ... " (2)
ونقل الشَّيخ أبو يعلي كلامَ عبد الرحمن بن خلدون في "المقدمة" (3) في "المتأخرين من المتصوفة"، ومما جاء فيه: " ... وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضًا بالحلول وإلهية الأئمة مذهبًا لم يعرف لأولهم ، فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر واختلط كلامهم وتشابهت عقائدهم .... " إ.هـ (4)
الحواشي:
(1) : في الأصل : "ما رواه الحسن" ! ، والصواب ما أثبتُّ أعلاه.
 
(2) : "صدى الصحراء" مقالة: [حي على الإصلاح]، العدد (9)، (ص:3)، (21) رجب (1344هـ)، 01 فيفري (1926م)، ومقالة: [حي على الإصلاح (6)]، العدد (10)، (ص:3)، (28) رجب (1344هـ)، 08 فيفري (1926م).
(3) : انظر مقدمة ابن خلدون (ص:473)، ط: دار إحياء التراث العربي، بيروت الطبعة الرابعة.
(4) : مقالة : [الخلافيات : كتاب الإرشاد لابن قشوط (2)] ، "الشهاب" ، العدد (118) ، (23) ربيع الثاني (1346هــ) ، (20) أكتوبر (1927م) ، (ص:12-15) ، ونقله أيضًا في مقالة : (التصوف ؟؟) ، "البصائر" ، العدد (7) ، (21) ذو القعدة (1354هـ) ، 14 فيفري (1936م) ، (ص:4-5) .

 



::يقولون وا معتصماه !! وهذا هو الشرك الأكبر ::

 





مقطع ماتع للشيخ الدكتور صالح بن سعد السحيمي حفظه الله ورعاه

حمل من هنا 

والله في أحلك الظروف سمعتُ بعض الإذاعات العربية الإسلامية وهى ، أيام الإعتداء على غزة ؛ إذاعة من الإذاعات العربية المتحمسة يُنادون المعتصم ؛ واه معتصماه أين أنت ؛ أين أنت يا صلاح الدين ، هذا هو الشرك الأكبر ، بدل من أن تستعين بربك تستعين بصلاح الدين !!

صلاح الدين رحمه الله قدم ما قدم للإسلام والمسلمين ونصر الله به الدين نسأل الله أن يتغمده برحمته ، تأتي أنت تستغيث به !!

اعمل مثلما ما عمل ، اعبد ربك حتى يأتيك اليقين .

فعلى المسلمين أن يعود إلى دين الله الحق إذا أردوا العزة والمنعة وأن يُوحدوا ربهم وأن يُزيلوا مظاهر الشرك والوثنية التي تنتشر فى أكثر البلاد الإسلامية إلا من رحم الله وقليل ما هم . 

 

 

السبت، 26 جانفي 2013

::السلفية بدعة والصوفية سنّة !!::




الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أمّا بعد:

فإنّه من المؤسف حقّا ما آل إليه حال الأمّة الإسلامية اليوم. فمن تكالب أعداء الله من اليهود والنّصارى والمجوس على خيرات الأمّة من ثروات باطنية وقدرات بشرية إلى تسلّط من لا دين لهم ولا أمانة للتحكّم في رقاب النّاس وسياستهم إلى الثورات الشعبية الماسونية في العواصم العربية إلى تصدّر من لا علم له بل ولا حياء للفتوى والإرشاد والوعظ والتكلّم في دين الله تعالى بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير !! 

ولعلّ هذه الأخيرة هي آفة الآفات وبليّة البليّات كيف لا وقد جعلها الله تعالى في محكم تنزيله أعظم المحرّمات وأكبر الموبقات فقال سبحانه: ((قل إنّما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ...)) الآية.  

ولستُ بحاجة إلى ضرب الكثير من الأمثلة على هذه الآفة فيكفي الواحد منّا أن يفتح التلفاز على أيّ فضائية يقع عليها اختياره أو يفتح أيّ جريدة من الجرائد ولينظر إلى الفوضى العلمية والمزبلة الفكرية التي تبثّ وتُعرضُ وتُنشرُ على أنّها دين الله تعالى الذي ارتضاهُ لنا وأرسل لأجله الرسل ... 

ومن تلكم المزابل الفكرية التي وقع عليها نظري –مُكرهاً غير مختار- ما نشرته جريدة النّهار (!) من تصريح لأحد الصوفية في بلادنا حيث قال بملء فيه: ((السلفية بدعة !!)) ثمّ علّل حكمه العجيب هذا بقوله: ((لأنّ اسم السلفية لم يُعرف إلا في العصر الحديث ولم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا في عصر أصحابه !!))  أو كما قال !!

فردّا على هذا الحكم الغريب والاستدلال العجيب أنا أسأله وهو ينتمي إلى الصوفية في السلوك والمنهج ويدين لله تعالى بالعقيدة الأشعرية ويتعبّد الله تعالى بالفقه المالكي، أسأله وأريد منه جواباً صريحاً:

هل يا تُرى وُجدت الصوفية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟! وهل ثبت أنّ أحداً من أصحابه عليه وعليهم السلام تسمّى بالصوفي ؟!

ومن المعلوم (إن لفظ الصوفية لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة, وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك) !! ((الصوفية والفقراء لشيخ الإسلام بن تيمية ص 5)) .

ثمّ كيف تنتمي إلى مذهب ومنهج (لا علاقه له بالإسلام إطلاقا , قريبة ولا بعيدة في اليوم الذي نشأ فيه , ولا بعد ما تطور , وهو أجنبي عنه كاسمه , فلذلك لا يفتش عن مصادره ومآخذه في القرآن والسنة وإرشاداتهما , بل يبحث عنها في الفكر الأجنبي , وهو رأي أكثر السلفيين ومن نهج منهجهم وسلك مسلكهم وكذلك الفقهاء والمتكلمين من أهل السنة من المتقدمين , والأكثرية الساحقه من المستشرقين , والكثير من الباحثين والمفكرين المتحررين من الجمود وعصبية التقليد , من المتأخرين) ؟! (التصوّف المنشأ والمصادر للعلامة إحسان إلهي ظهير).

وهل يا تُرى وُجدت الأشعرية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟! وهل ثبت أنّ أحداً من أصحابه عليه وعليهم السلام تسمّى بالأشعري ؟!

ومن المعلوم أنّ أبا الحسن الأشعري عليه رحمة الله وُلد سنة 260 هـ ومات سنة 324 هـ ؟!!

ثمّ كيف تنتمي إلى عقيدة رجع عنها صاحبها وتاب عنها مؤسسها وردّ عليها وضلّل القائلين بها ؟!! 

ولك أن تقرأ في ((مقالات الإسلاميين)) و((الإبانة عن أصول الديانة)) للأشعري لتعلم حقيقة عقيدتك ومن الأولى بالبدعة وأحقّ بها وأهلها !


 وهل يا تُرى وُجدت المالكية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟! وهل ثبت أنّ أحداً من أصحابه عليه وعليهم السلام تسمّى بالماكي ؟!


ومن المعلوم أنّ الإمام مالك عليه رحمة الله وُلد 93 هـ سنة ومات سنة 179 هـ ؟!!


إنّكم يا أخي تغرقون في البدع والضلال يركبكم فكيف ترمون غيركم بما هو فيكم ؟!
كيف تبدّعون من انتسب إلى الصحابة والتابعين وأتباعهم من أهل القرون الثلاثة المفضّلة والمشهود لهم بالخيرية والأفضلية (= السلف) وفي الوقت ذاته تنتسبون إلى أشخاص جاءوا من بعدهم (= الخلف) لم يزكّيهم لا الكتاب ولا السنّة ولم يأمر الشارع الحكيم باتّباعهم واعتقاد آرائهم والتديّن باجتهاداتهم؟!  

اللهمّ إنّا نبرأ إليك من هؤلاء المتكلمين في دينك بغير علم اللهمّ فاشهد.

الخميس، 24 جانفي 2013

::منشور من جمعيَّة العُلماء المسلمين الجزائريِّين إلى الأمَّة الجزائريَّة المسلمة بمناسبة الزَّردة الَّتي يدعو إليها ويتزَّعمها الدُّكتور ابن جلُّول بقسنطينة::

منشور من جمعيَّة العُلماء المسلمين الجزائريِّين إلى الأمَّة الجزائريَّة المسلمة بمناسبة الزَّردة
الَّتي يدعو إليها ويتزَّعمها الدُّكتور ابن جلُّول بقسنطينة


[نُشر في جريدة "البصائر" : ع39 ، 30 رجب 1355هــ / 16 أكتوبر 1936م/ ص:4-5]


فصلٌ مستل من الكتاب الفذّ :
الشَّيخ بلقاسم بن ارْوَاقْ: سيرته ومنهجه الإصلاحي
أعدَّهُ: الشَّيخ السَّلفي أبو محمّد سمير سمراد - حفظه الله




بسم الله الرحمن الرحيم





" أيُّتها الأمَّة ! إلى متى يلعب بك أعداؤك ؟ إلى متى يتَّخذون دينك هزوًا ولعبًا ؟ إلى متى يشغلونك بالسَّفاسف والمضحكات ؟ إلى متى يستغلون غفلتك وجهلك ويقودونك إلى المهلكات ؟ إنَّهم يدبِّرون لك المكائد بأسماء مختلفة وفي مظاهر مختلفة ... بالأمس دبَّروا لك مكيدة مات فيها إمام ظُلْمًا وعدوانًا ، وسُجن فيها عالم ظُلْمًا وعُدْوَانًا ، ومرادهم من ذلك كلِّه معروف ، فخيّبت ظنّهم وأحبطت سعيهم

واليوم ينصبون لك الفخَّ على قطعة من اللَّحم باسم "الزَّردة الكبيرة" و "الأكلة الشَّعبيَّة" كأنَّهم لا يعرفون قدرك ، ولا يعترفون بأنَّك "شعب" إلاَّ في هذه المواقف المزرية ، إنَّ المسلم حرٌّ ، والحرُّ لا يرضى بالدَّنيَّة ، ولو مات من الجوع ، ولا يرضى له الإسلام أن يكون كالضَّبع يصاد بأبخس المآكل
إنَّهم يسترون هذه الزَّردة – بل هذه الفضيحة – باسم الإحسان إلى المساكين ، وأين غاب عنهم الإحسان في غير هذا الوقت ، ويزيِّنوها باسم الاحتفالات الدِّينيَّة المحرَّمة وإحياء العوائد السَّخيفة الضَّارَّة – ومحال أن يأتي الإحسان لطائفة من المساكين بالإساءة إلى جميع المسلمين ...

إنَّ هذه الزَّردة الَّتي كثرت عنها الإعلانات وجمعت لها الإعانات ، هي كحبَّة القمح الَّتي توضع في الفخِّ ...[ ثمَّ ذكر الأغراض من تدبير هذا الفخِّ ، ومنها ] :
تشويه دين الإسلام بنسبة هذه السَّخافات إليه وإقامة الحجَّة على الإسلام بكلام دعاة الزَّردة
تشويه سمعة الأمَّة السِّياسيَّة ... يصوِّرنها على تلك الحالات السَّخيفة الَّتي سمَّاها دعاة الزَّردة "احتفالات دينيَّة" ويسجِّلون تلك الفضائح في الأفلام السِّينمائيَّة وينشرونها في العالم

أيتُّها الأمَّة ! ... إنَّ بعض المعروفين بالشِّدَّة والمعارضة لمصالحكم قد ظهر بمظهر السَّخاء والتَّساهل في هذه الزَّردة ، وبعض الإدارات الَّتي كانت تعارض التَّعليم ... – وهو عمل إنساني – وتشحُّ في إعانة المشاريع الخيريَّة بالسَّانتيم قد ظهرت في هذه الزَّردة بمظهر المساعد المعين بالمال والجاه ، فما معنى هذا ؟ إن كنتم تفهمون (1)

إنَّ النائب الدُّكتور يدجِّل باسم المساكين وباسم الإحسان وباسم الدِّين، فإذا كانت الزَّردة الَّتي يدعو إليها ليست من الدِّين ، فكذلك الإحسان الَّذي يدَّعيه الدُّكتور ليس بإحسان ، وقد عهدناه متخلِّفًا [نائمًا] في جميع المواقف الكبرى والأزمات الشَّديدة الَّتي يجب فيها الإحسان والدَّعوة إلى الإحسان ...

أيُّها المسلمون ! إنَّ اللُّحوم الَّتي تأكلونها في هذه الزَّردة حرام ، لأنَّها ممَّا أُهِلَّ به لغير الله ، وإنَّ اللُّقم الَّتي تأكلونها هي ثمن لضمائركم ، وإنَّ هذه الأعمال كلَّها لعبٌ بكم وسخريَّة بدينكم وفضيحة لكم أمام الأجانب ، وإنَّ آلات التَّصوير محضرة والفخاخ منصوبة فاحذروا ثمَّ احذروا ، إنَّ مثل هذه الزَّردة قد وقع في تلمسان من عدوٍّ للإسلام ، اشترى أتباع الطُّرق والدَّراويش بزردة ، وسجّل على شريط السِّينما كلّ أعمالهم من المزامير والبنادير وأكل الحيَّات والأفاعي ، ثمَّ نشر الفيلم في الدُّنيا كلِّها ليقول للعالم : هذا هو الإسلام وهؤلاء هم المسلمون (2)

وإنَّ مثل زردتكم ليقع في عمالة وهران لا لوجه الله ولا للإحسان ، ولكن للأغراض الَّتي ذكرناها لكم ، فقارنوا بين من فعلها بالأمس وبين من يفعلها اليوم تعلموا أنَّ الغاية واحدة وتتحقّقوا ما يراد بكم وأنتم غافلون

احذروا أن تقعوا في الفخِّ ، وقاطعوا الَّذين اتَّخذوا دينكم هزوًا ولعبًا وابتعدوا عن "الزَّردة" تقرّبوا من الله !!!



والسَّلام عليكم : أمضاه المجلس الإداري لجمعيَّة العلماء المسلمين الجزائريِّين"




الحواشي :

(1) : [الشَّيخ سمير سمراد-حفظه الله-] : ليس له معنى إلاَّ أنَّ هذه الزَّردة ليس منها أيّ خير وصلاح للأمَّة ، إذ لو كانت كذلك لعارضها هؤلاء وعرقلوها كما عارضوا وعرقلوا التَّعليم والتَّهذيب الَّذي ينهض بالأمَّة ، وأغلقوا المدارس واضطهدوا معلِّميها ، ومنعوا العلماء المرشدين من دخول المساجد
(2) : [الشَّيخ سمير سمراد-حفظه الله-] : وكان شاهدًا على هذا : الإمام الإبراهيمي ممثِّل جمعيَّة العلماء في عمالة وهران ، والمرابط في تلمسان – أين تعشِّش الطُّرقيَّة – يحارب مردة الطُّرقيِّين ، وقد ذكر هذا الكلام نفسَهُ بمزيد من البيان وأروعه في – سياق بيان "أوزار الطُّرقيَّة الآثمة ، ومصائبها على الإسلام" في : - الجزء الثَّاني من المقالة المعنونة بــ "كتاب السَّعادة الأبديَّة" ، والَّتي نشرت في جريدة "البصائر" ع19 ، 15 ماي 1936م ، وهي ضمن : "آثاره" (1 /218-219)


*****

ما بعد المنشور .... ردَّة فعل الدُّكتور على منشور الجمعيَّة
يقول أحد الكتَّاب المصلحين : " وحديث هذه الزَّردة قد أطنبت الجرائد الفرنسيَّة وغيرها فيه كما أمعنت وبالغت في الدِّعاية إليها ، ولكنَّها رغم ذلك كلِّه لم تكن إلاَّ كغيرها من الزَّردات ... وقد نشرت جريدة "البصائر" المنشور العام الَّذي أذاعته جمعيَّة العلماء على الأمَّة ضدَّ هذه البدعة الجديدة والحدث الَّذي لم يُسبق له نظير من أمثال ابن جلُّول ..." ["البصائر" ع40،ص3] ، ثمَّ يتحدَّث الكاتب عن :

ردَّة فعل الدُّكتور على منشور الجمعيَّة :
حيث فضح المنشور مساعي "ابن جلُّول" فــ "التجأ إلى من كتب له منشورات في تبرير مهزلته ذرًّا للرَّماد في العيون" يريد أن "يغالط بها الأمَّة " ["صدى زردة الشَّيخ ... سيدي ابن جلُّول ، "البصائر" ع42 ،ص2 ، عن جريدة تونسيَّة]

يقول : " ونشر الدُّكتور أيضًا منشورًا كتبه أحد أنصاره الكبار في بعض المكاتب الخاصَّة بمن التحق بهم حرَّف فيه الكلم القرآني عن مواضعه ، وأوَّلت فيه مقاصد الدِّين بما لا يليق بحكيم مثله أن يتأوَّله أو يحرِّفه ، وأمضاه هو باسمه ونشره على النَّاس ! فهل أصبح الدُّكتور عالـمًا دينيًّا وشيخًا طرقيًّا وإمامً ربَّانيًّا " ["صدى زردة الشَّيخ ... سيدي ابن جلُّول ، "البصائر" ع42 ،ص2 ، عن جريدة تونسيَّة]

السبت، 19 جانفي 2013

::نظرات في كتاب " علموا أولادكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم "::


اطلعت على كتاب ألفه معالي الدكتور محمد عبده يماني تحت عنوان " علموا أولادكم حب رسول الله " ، وطبعه عدة طبعات ، وجاء على غلاف الطبعة الثالثة منه ما نصه :





" طُبِـعَ بموافقة وزراة الإعلام رقم 1112 / م ج " ، وتاريخ " 30 / 3 / 1405 هـ " .


ولم يذكر معاليه موافقة مراقبة المطبوعات في الإفتاء ، مع أن هذا الأمر لازم ، يجعل لهذه الجهة بتخطيه لها المطالبة بحقها نحو هذا الإجراء المخالف لنظام المطبوعات .
ونحن مع كل مسلم نتفق مع معالي الدكتور على أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم ، بل هي من أعظم أصول الإيمان ومسائل العقيدة ، وتأتي في الدرجة الثانية بعد محبة الله تعالى ، وبغض الرسول صلى الله عليه وسلم أو بغض شيء مما جاء به ردَّة عن دين الإسلام .


ونتفق كذلك مع معاليه على أن بيان هذا للناس أمر واجب .
ولكن بيانه يكون بالطريقة الشرعية ، والأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة ، وعلى ضوء العقائد المعتبرة عند أهل السنة والجماعة ، وهذا ما لم يتوفر في كتاب معاليه كما يأتي بيانه ، وذلك على النحو التالي :
1 ـ قوله في العنوان : " علموا أولادكم حب رسول الله " .

هل المحبة تُـعَـلَّم تعليماً ، أو هي عمل قلبي يُـقوَّى ويُـنَـمَّى ؟ !
كان الأولى بالدكتور أن يقول : بينوا لأولادكم وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونموها في قلوبهم ؛ ببيان صفاته وخصائصه ، وما جاء على يديه من هداية الأمة ، وإخراجها من الظلمات إلى النور ، وإنقاذها من الخرافات والبدع والشركيات إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصحيحة .

2 ـ لماذا اقتصر معاليه على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يذكر محبة الله تعالى التي هي الأصل الذي تتبعه محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ! لماذا يذكر الفرع ويترك الأصل ؟ ! ألم تكن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تأتي بعد محبة الله تعالى في الكتاب والسنة ؛ كقوله تعالى : ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم ) . . . إلى قوله تعالى : ( أحب إليكم من الله ورسولهِ ) وقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كن فيه ؛ وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما . . . " الحديث ؟ !
وقال تعالى : ( والذين آمنوا أشد حباً لله ) ، ( قل إن كنتم تُـحِـبُّـون الله فاتبعوني يُحْبِـبْكُمُ الله ويغفر لكم ذنوبكم ) .

3 ـ ما علاقة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم بابتداع الاحتفال في اليوم الذي يُـقال : إنه اليوم الذي وُلِدَ فيه ، وهو اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، حيث ذكر معالي الدكتور ذلك في كتابه ، ودعا إليه من صفحة ( 95 ) إلى صفحة ( 103 ) ، وحاول في هذه الصفحات أن يسوغ هذا الاحتفال ؛ دون أن يبرز دليلاً صحيحاً واحداً أو استدلالاً صحيحاً على ما قال ، سوى أنه عادة أحدثها بعض الناس : ( إنَّا وجدنا آباءنا على أُمَّةٍ وإنَّا على آثارِهِمْ مقتدون ) .
ولسنا بصدد مناقشة الشبهات التي ذكرها هنا ؛ لأن هذا له موضع آخر ، وقد نوقشت والحمد لله في أكثر من كتاب ، وبُـيِّن أن الاحتفال بالمولد بدعة محدثة .


ونحن نسأل معالي الدكتور :
هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الاحتفال لأمته أو هو شيء محدث بعده ؟
وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد " .
وهل فعله صحابته وخلفاؤه الراشدون الذين لا يساويهم أحد في محبته صلى الله عليه وسلم ؟ ! 


هل كانوا مقصرين في محبته حين لم يفعلوه ؟ !
لا ؛ بل إنهم لم يفعلوه ؛ لأنه بدعة ، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن البدع ، وفعل البدعة معصية له صلى الله عليه وسلم ، يتناقض مع محبته ؛ لأن محبته تقتضي متابعته وترك ما نهى عنه .


فيا معالي الدكتور ! كيف نعلم أولادنا محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ندعوهم لمخالفته بفعل البدع ؟ ! أليس هذا تناقضاً ؟ !
ليتك قلت : علموهم متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانهوهم عن مخالفته ، وألزموهم بطاعته ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم :
" مُروا أولادكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع " .

4 ـ ما علاقة تحديد المكان الذي وُلِدَ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بموضوع محبته . . . حيث شغل الدكتور حيزاً من كتابه في البحث عن تحديده من صفحة ( 179 ) إلى ( 191 ) ، وأتعب فكره وقلمه في ذلك بما لا جدوى من ورائه ، ولم نكلف بمعرفته .
هل عيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المكان لأمته ؟ ! 


هل اعتنى الصحابة والتابعون ومن بعدهم من القرون المفضلة وأئمة الإسلام المعتبرون بتعيين هذا المكان ؟ !
وماذا يرجع على الأمة من تعيينه ؟ ! 


لو كان في ذلك ما يعود على الأمة بخير ؛ ما تركه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يهتم بشأن بيته الذي كان يسكنه في مكة قبل الهجرة ، ولما سُئِل صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة ، فقيل له : أتنزل في دارك ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور ؟ " .


ما كان صلى الله عليه وسلم يهتم بالأمكنة التي سكنها وعاش فيها ؛ فضلاً عن أن يهتم بالمكان الذي ولد فيه ، ولم يكن صحابته يفعلون ذلك ؛ لأن ذلك يُـفْضي إلى أن نتخذ هذه الأمكنة مُـتَعَبَّدات ومعتقدات فاسدة .


إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة لم يتهم بشأن غار حراء الذي ابتدأ نزول الوحي عليه فيه ، لأن الله لم يأمره بذلك .


ولما رأى عمر رضي الله عنه الناس يذهبون إلى الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان ؛ قطعها مخافة أن يُـفْـتَن الناس بها .


فلا تفتحوا للناس باباً مغلقاً ، وتذكروا قوله تعالى : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن يصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) .


ولهذا لا نجد في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم إشارة إلى البقعة التي وُلِدَ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لا فائدة من ذلك ، وليس في الاعتناء بذلك دلالة على محبته صلى الله عليه وسلم ، وإنما علامة محبته صلى الله عليه وسلم اتباعه ، والعمل بسنته ، وترك ما نهى عنه ؛ كما قال الشاعر الحكيم في ملازمة المحبة للطاعة :


لو كان حبك صادقاً لأطعته       إن المُحِبَّ لمن يُحِبُّ مُطيعُ

5 ـ حشد معالي الدكتور في كتابه هذا أموراً وأشياء كثيرة فيها نظر ، وذكر فيه أحاديث لم يبين درجتها ، ولم يوثقها من دواوين السنة المعتبرة .
والواجب عليه ـ كباحث يحمل أكبر درجة علمية ـ أن لا يهمل ذلك ؛ لأن القراء ينتظرون منه ومن أمثاله أن يقدم لهم بحثاً مستوفياً للجوانب العلمية والمعنوية .
ومما جاء في كتابه :
أ ـ أبيات" طلع البدر علينا " ؛ قال عنها :
" هذا نشيد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون شك ولا ريب " .


إلى أن قال :
" وقد ارتفع هذا النشيد لأول مرة من حناجر المسلمين المهاجرين والأنصار منذ أكثر من أربعة عشر قرناً " .
ونقول : ما الذي يجعلك يا معالي الدكتور تجزم بسماع الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا النشيد دون شك أو ريب ؟
وما الذي يجعلك تجزم بنسبته إلى المهاجرين والأنصار ؟ أين سندك في هذا ؟
أيظن معاليكم أن القراء يقتنعون بمثل هذا الكلام دون تحقيق وتوثيق ؟
كلا .


ب ـ في ( ص 111 ) قال معالي الدكتور :
" وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن سنته ؟ فقال : المعرفة رأس مالي ، والحب أساسي ، والشوق مركبي . . . " إلخ .


ولا ندري من أين جاء الدكتور بهذا الحديث ، فهو لم يذكر له سنداً ، ولم يعزه إلى كتاب ، ولا تجوز النسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون تثبت ؛ لأن ما يُـنْـسَب قد يكون مكذوباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيدخل تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من كذب عليَّ متعمداً ؛ فليتبوا مقعده من النار " .

6 ـ في الكتاب مبالغات في حقه صلى الله عليه وسلم قد نهى عنها ، حيث قال عليه الصلاة والسلام : " لا تُـطْروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد ، فقولوا : عبد الله ورسوله " رواه البخاري وغيره .
ومن هذه المبالغات : 


أ ـ ما جاء في ( ص 113 ) : " واجب على كل مؤمن متى ذَكَره أو ذُكِر عنده أن يخضع ويخشع . . . إلخ " .
ونقول تعقيباً على ذلك : أليس الخضوع والعبادة حق لله ؟ !
وكذلك الخضوع إذا كان القصد منه الخضوع بالجسم ؛ فهو لا يكون إلا لله ؛ لأنه سبحانه هو الذي يُرْكَع له ويُسْجَد ، وإذا كان المراد به الانقياد لطاعته ؛ فالتعبير خطأ ؛ لأنه موهم .


والمشروع عند ذكره صلى الله عليه وسلم هو الصلاة عليه ، لا ما ذكره معالي الدكتور ، وإن كان قد نقله عن غيره ؛ فهو قد أقره .


ب ـ جاء في ( ص 208 ) قوله : " ومما تجدر الإشارة إليه أنه صلى الله عليه وسلم أول الأنبياء خلقاً ، وإن كان آخرهم مبعثاً " .


هكذا قال ! ولم يذكر له مستنداً ولا دليلاً ! !
وهل هناك أحد من بني آدم يخلق قبل خلق أبيه وأمه بآلاف السنين ؟ !
أليس نسل آدم كلهم من ماء مهين و ( من ماءٍ دافقٍ يخرج من بين الصلب والترائب ) ؟ !
كيف يُـخْـلَق محمد صلى الله عليه وسلم قبل الأنبياء ، ثم يُـخْـلَق مرة ثانية ، ويولد بعدما تزوج أبوه بأمه ، وحملت به عن طريق انتقاله ماءً دافقاً من صلب أبيه إلى رحم أمه ؛ كما هي سنة الله في بني آدم ؟ ! هل خُـلِق مرتين ؟ !
ويصر الدكتور على هذه المقالة المنكرة ، حيث يقول في ( ص 211 ) : 


" ولقد أنكر بعض المحْدَثين ( يعني : المعاصرين ) من الغيورين على الإسلام أن يكون سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خُـلِق قبل آدم عليه السلام . . . إلخ " .


ويرد على هذا المنكر برد لا طائل تحته .


ومعنى كلامه أن أكثر المعاصرين موافقون له على هذه المقالة ، أما السابقون ؛ فلم يستثني منهم أحداً .
وهذا من التلبيس والمجازفة ؛ فإن هذا القول لم يقل به أحدٌ يُـعْـتَـدُّ به من الأمة لا قديماً ولا حديثاً .
وإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم خُـلِق قبل آدم ؛ فهو إذن ليس من بني آدم .


وأيضاً ؛ لماذا تحتفلون بولادته وهو مخلوق قبل آدم ؟ !
هذا تناقض عجيب .


وليت الدكتور بدل أن يقدم للقراء مثل هذه المعلومات الخاطئة قدم لهم معلومات صحيحة تفيدهم وتنفعهم من الحث على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، واتِّباعه ، وترك ما نهى عنه وحذر من البدع ، فذلك خيرٌ وأبقى .
هذا ؛ وسكون لي ـ إن شاء الله ـ مع هذا الكتاب جولة أخرى لمناقشته ، وليس لي قصد من وراء ذلك إلا بيان الحق والنصيحة . 


والله يقول الحق ، وهو يهدي السبيل .

الجمعة، 18 جانفي 2013

::لبس الخرقة لا أصل له في الكتاب والسنة، وهو أمر أحدثه الصوفية المتأخرون ::







قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728هـ): (( وقد كتبت أسانيد الخرقة، لأنه كان لنا فيها أسانيد، فبينتها ليعرف الحق من الباطل... وقد عُقل بالنقل المتواتر أن الصحابة لم يكونوا يلبسون مريديهم خرقة ولا يقصون شعورهم ولا التابعون، ولكن فعله بعض مشايخ المشرق من المتأخرين)) .
(( منهاج السنة )) (4/156)،
وانظر (( الفتاوى الكبرى )) (5/354)، و (( مجموع الفتاوى )) (11/88-99)، و (( منهاج السنة )) وفيه ذكر أسانيد الخرقة وفيه كلام نفيس (4/156 فما بعدها).




وقال الفقيه مبارك الميلي الجزائري (ت1364هـ): (( اتخذ الصوفية شعارهم لباس الخرقة وإلباسها، وقالوا: إن الحسن البصري لبسها من علي رضي الله عنه، وتخصيص عليٍّ بشيء في الدين هو من بدع الرافضة،
قال في (( تمييز الطيب من الخبيث )) : (( حديث لبس الخرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي؛ قال ابن دحية وابن الصلاح: إنها باطل، ولذا قال ابن حجر: إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلّم ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحداً من أصحابه بفعل ذلك، وكل ما روي في ذلك صريحًاً؛ فباطل )) .


قال: (( ثم إن من الكذب المفترى قول من قال: إن عليًا ألبس الخرقة الحسن البصري، فإن أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي سماعاً فضلًاً عن أن يلبسه الخرقة )).

وقد حاول السيوطي في (( الحاوي )) إثبات سماع الحسن من علي، وليس ذلك بأولى من إنكار أئمة الحديث له، ثم هو لا يثبت الدعوى الخاصة التي هي لباس الخرقة. وما زال الصوفية يتفننون في وضع الإِسناد ليربطوا طرقهم بعظماء الزهاد، وإن اشتملت على ضروب من الضلال والفساد، حتى جاء أخيراً أحمد بن سالم التيجاني، فاختصر الإِسناد، وادعى أنه تلقى طريقته من خاتم الأنبياء من غير واسطة. (( رسالة الشرك ومظاهره )) (ص422-423).

===================

مقدمة تحقيق " السيف المجزم لقتال من انتهك حرمة الحَرَم المحرّم " لإبراهيم الهاشمي الأمير








السبت، 12 جانفي 2013

:: ردُّ المفتي بالمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن محيي الدين على مفتي مصر علي جمعة::

 
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :
فهذه الحلقة الأولى من رد شيخنا الفاضل الشيخ عبدالرحمن بن صالح محيي الدينحفظه الله تعالى – على مفتي مصر : الشيخ علي جمعة – هداه الله .
(نسخة مصححة ومنقحة من قِبل الشيخ عبدالرحمن محيي الدين –حفظه الله - )

قال الشيخ عبدالرحمن محيي الدين حفظه الله :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد :
مفتي مصر الشيخ علي جمعة هداه الله يجيز شرب بول الآدمي ولا مانع لديه من أكل العذرة قياساً وهذه بركة التصوف وشطحاته , ورحم الله الإمام الشافعي حيث يقول : ( ما دخل أحد في التصوف أول النهار إلا ذهب عقله آخر النهار ) .

والشيخ علي جمعة ليست هذه أولى شطحاته وغلوه في المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث أجاز شرب بول المصطفى صلى الله عليه وسلم تبركاً , بل صوفياته ظهرت للقاصي والداني .

والتصوف والصوفية بصفة عامة ليست من الاسلام في شيء والحمد لله لم يرد ذكرها في القرآن ولا في السنة المطهرة ولا في كلام الصحابة رضوان الله عليهم ولا في كلام التابعين لهم بإحسان وإنما ظهر – التصوف - متأخراً لمّا دخل الأعاجم في الإسلام وضعفت اللغة العربية في ألسنةِ بعض المسلمين فضعف مفهوم الإسلام الصحيح عندهم , في عقولهم وأفهامهم .

والغلو أيضاً ليس من الإسلام في شيء فقد نهانا ربنا جل وعلا عن الغلو وكذا نبيه صلى الله عليه وسلم الناصح الأمين , والغلو والتطرف سيان وهما وجهان لعملة واحدة , ينتجان خللاً وانحرافاً في الفهم – فهم الأمور على حقيقتهاوكذا سلوك العبد وعمله , فما بالك بأعظم الأمور وهو توحيد الله جل وعلا فلا غرابة أن نرى الشرك ومظاهره في فتاوى هذا المفتي هداه الله , والشيطان متربص بالإنسان وهو له بالمرصاد , كالذئب يتربص بالشاة يريد أن يفترسها , والشيطان يريد أن يغوي ابن آدم ويضله , نعوذ بالله جل وعلا من وسوسته ونزغاته ومن همزه ونفخه ونفثه , ونعوذ بك يا الله من أن نَضل أو نُضل أو نَزل أو نُزل أو نَظلم أو نُظلم .

والشيخ علي جمعة هداه الله غالي في المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذه بركة التصوف فقد أباح شرب بوله صلى الله عليه وسلم تبركاً واعتبره أنه صلى الله عليه وسلم خلاف البشر , والله عز وجل يقول في كتابه الكريم العظيم ويؤكد على أنه بشر }: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ  , { وكذا المصطفى صلى الله عليه وسلم يؤكد ذلك وأنه يجري عليه مايجري على البشر إلا ما اسثني كما أخبر أن الأرض لاتأكل أجساد الأنبياء وغيرها من الخصائص , وأما ماعدا ذلك مما لم يرد فيه استثناء أو تخصيص فهو كسائر البشر صلى الله عليه وسلم وبما أن البشر يتفاوتون في صفاتهم في القوة والصحة والذكاء والشجاعة والكرم والحلم والعقل والصفح وكذا كل الصفات البشرية الحسنة وكذا الصفات الذميمة السيئة , فصلوات الله وسلامه عليه وفداه أبي وأمي فهو خير البشر وصفاته أفضل الصفات في البشرية التي مثّلها صلى الله عليه وسلم فنصيبه منها أعظمها وأفضلها وأحسنها فهو في مكان الذروة فهو المصطفى المصفّى من البشرية , فهو الكمال البشري حسّاً ومعنى وقد كمل من الرجال كثير كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم لكنه كما قال الله تعالى} : يُوحَى إِلَيَّ { والكمال المطلق لله جلّ وعلا والمصطفى صلى الله عليه وسلم هو بشر يصيبه مايصيب البشر يأكل الطعام ويشرب الماء ويجوع ويتعب وينصب ويمرض ويتألم ويبول ويقضي حاجته ويحتجم ويخرج منه الدم كسائر البشر ويتزوج وينكح ويولد له وولده منه صلى الله عليه وسلم كفاطمة بضعة منه , ومنها ذريته وهم بيننا كسائر البشر صالحُهم كصالحِهم وفاسدُهم كفاسدِهم لايتميزون إلا بالتقوى} : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } , { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ  , { ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه, لا نغالي فيه ولانقول كما قالت النصارى لاهوتاً دخل في الناسوت , قال الله تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{ .

فالغلو في المصطفى صلى الله عليه وسلم وصل بالمفتي إلى هذه الدرجة الآنفة الذكر ألا وهو طهارة بوله وجواز شربه والتبرك به , ولا مانع عند هذا المفتي هداه الله أكل برازه صلى الله عليه وسلم قياساً على بوله , وهذا مالم يقله عاقل من عقلاء البشر , وهذا من بركة التصوف أولا وأخيراً وإلا لو كان مايخرج منه طاهر إذاً لماذا يستنجي صلى الله عليه وسلم ويتوضأ ويغتسل من الجنابة وغيرها إذا كان كل مايخرج منه طاهراً !

وهذه الفتوى الآثمة نقلتها جريدة المدينة في ملحق الرسالة , الجمعة 15/ جمادى الأول / 1428 هـ , وهذه الفتوى الضالة دلل لها المفتي وسوغ لها بحادثة أم أيمن بركة الحبشية وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان له قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه من الليل " , أخرجه أبو داوود والنسائي والحاكم والبيهقي وقال الحاكم : ( صحيح الإسناد ) ووافقه الذهبي وإلى هنا والحديث صحيح , صححه جمع من الأئمة ومنهم شيخنا الألباني رحمه الله في صحيح أبي داوود [1/35] , لكن الزيادة وهي شرب بوله من هذه الأمة بركة الحبشية هي زيادة شاذة منكرة لاتصح فلا يعول عليها ويبنى عليها حكم , والعلماء قاطبة لم يلتفتوا إليها وضعفوها .

وعلى فرض صحتها فهي كما نقل الحافظ بن حجر في الإصابة في ترجمة أم أيمن [13/179] : ( أنها نامت ليلة وهي عطشانة فغلطت فشربتها , فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إنك لاتشتكي بطنك بعد يومك هذا " ) , قلت فالحمدلله أنها شربت البول عن طريق الخطأ والغلط لا عن طريق العمد وقد قال الله عز وجل} : رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا  , { قال الله " إني فعلت ...الحديث " , فالخطأ لا يؤاخذ الإنسان به لكن ماتعمد به وعاند نعوذ بالله من الضلال والهوى .

وقد يتحذلق متحذلق ويكابر مكابر ويقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها بدلالة قوله " إنك لا تشتكي بطنك ... " ؛ قلت : قوله " إنك لاتشتكي بطنك ..." دعا لها أن لاتشتكي بطنها أي لاتمرض , أي يذهب عنها المرض بسبب شرب البول , حيث أن تناول الانسان للشيء المحرم كالبول وغيره يؤذي الانسان ويمرضه ولو عن طريق الخطأ , فقوله لها ذلك دعاء لها وتسلية أن الله يشفيها من الأذى بسبب تناول البول المحرم تناوله لا أنه بارك فعلها وأقرها .

وأيضاً لو أن المفتي هداه الله رد ما اشتبه عليه من هذه الحادثة إلى المحكم من ذلك وهو أن المصطفى صلى الله عليه وسلم بال مراراً لا تعد ولا تحصى وكذا قضى حاجته مراراً ولم يؤثر في حادثة من ذلك أنه تُبرك ببوله صلى الله عليه وسلم , ولم يُؤثر عن الصحابة البررة الكرام كلهم عن بكرة أبيهم أنهم استقبلوا بوله صلى الله عليه وسلم وتبركوا به أو عذرته لعلمهم أنها كسائر النجاسات ولم يجمعوها في إناء أو غيره هم أنزه من ذلك فدل ذلك على أنه في ذلك الأمور كسائر البشر وهذا هو المحكم من ذلك فإذا جاءت هذه الحادثة وهي : -

أولاً : ضعيفة ومنكرة والحمدلله .
ثانياً : عن خطأ وعدم تعمد ولكنها اشتبهت على البعض كهذا المفتي فترد إلى المحكم ولا يلتفت إليها , ولذا لم يبحث العلماء فيها حتى جاءنا هذا المفتي وغال في المصطفى صلى الله عليه وسلم هذا الغلو البارد .

والمفتي المومأ إليه هداه الله له شطحات وضلالات صوفية كثيرة أسأل الله أن يتوب عليه منها .

فقد ناولني أحد الطلاب النجباء كتيبا صغيرا يسمى (( البيان القويم لتصحيح بعض المفاهيم )) وهي مجموعة بعض فتاوى لهذا المفتي هداه الله يزعم أنه يدحض الشبهات ويجمع الشتات وهو يدحض التوحيد ويسوّغ للشرك في أمة الإسلام فحسبنا الله ونعم الوكيل وعزائنا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " إن الله لاينزع العلم منكم بعدما أعطاكموه انتزاعاًوفي روايةإن الله لايقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " .
إن الفتاوى التي ظهرت من هذا المفتي هداه الله في هذه الرسالة يزعم فيها أنه يجمع الشتات فإنه هدم عقيدة التوحيد في صدور العامة ومن سار على سبيلهم .

والكتيب اشتمل على [ 32 ] سؤالاً وإجابةً على الأسئلة أجاب عليها هذا المفتي وكلها تتعلق بالعقيدة والغلو في المصطفى صلى الله عليه وسلم وسؤاله والتوسل به والحلف به كقول القائل : ( والنبي ) وغير ذلك , وإني سأستعرض بعض الأسئلة والتعليق عليها والله المستعان .

السؤال الأول :
هل عبارة : ( لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماخلق الله الخلق ) هل هي صحيحة المعنى ولا تتعارض مع أصول الدين وأساسيات الاعتقاد الصحيح وماهو معناها؟

وأجاب جواباً تمحل فيه لِيجوز تلك العبارة وأنها لاتتناقض مع الإسلام وأصول العقيدة بقوله تحقيق العبادة هي حكمة الخلق والعبادة لاتتحقق إلا بالعابدين وأفضل العابدين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو عنوان العبادة وعنوان التوحيد .
قلت : وهذا الكلام فيه لف ودوران ووسوسة شيطان .

فإن الآية صريحة ويعرفها صغار طلبة العلم قوله جلّ وعلا} : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  {والحمدلله فخلق الله الخلق كلهم لعبادته ومن ضمنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يخلق الله الخلق لأجل محمد صلى الله عليه وسلم ولا لغير محمد وإنما لعبادته وتعظيمه كما أخبرنا جلّ وعلا , وهذا غلو مفرط في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعدم تعظيم الله العلي الأعلى الغني المالك , والبشر كلهم مفتقرون إليه الأنبياء والرسل وغيرهم ممن خلق الله جلّ وعلا قال تعالى} : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ { وقال في آية أخرى } إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ { فقول المفتي أن تلك العبارة منسجمة تمام الإنسجام مع أصول التشريع الإسلامي وسوسة شيطانية وذريعة إلى الشرك وغلو مفرط في المصطفى صلى الله عليه وسلم , فهي كلمة باطلة ينبغي للمسلم أن يتوب منها .

السؤال الثاني :
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم نور أم هو بشر مثلنا كما أخبر القرآن ؟
فأجاب المفتي هداه الله بقوله : ( إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان نوراً , ولاينبغي أن ننفي أن ذلك النور كان حسيّاً فليس هناك مايتعارض مع كونه كان منير وأنه صلى الله عليه وسلم نور حسي مع أصل العقيدة ) .

قلت : تمام الآية من سورة المائدة آية [15] قوله جل وعلا : { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } فالنور هاهنا وصف للمصطفى صلى الله عليه وسلم حيث بعثه الله لهداية العباد وبيان طريق الحق لهم وهذا هو النور الحقيقي ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور , وليس ذاته صلى الله عليه وسلم نوراً قال تعالى { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } أي تبين لهم طريق النجاة الذي ينجيهم من المهالك وينفي عنهم الضلال وهذا هو النور الحق يخرجهم من الظلمات إلى النور, وأعظم الضلال والهلاك والظلم والظلام هو الشرك بالله جل وعلا وسائر المعاصي من البدع والمحدثات فإن هذه تُظلم قلب العبد فتدعه لايبصر الحق والتوحيد ومن ذلك هذا الغلو المفرط في المصطفى صلى الله عليه وسلم من هذا المفتي .

ولا إشكال أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان أجمل الخلق وأبيض البشرة ووجهه كالبدر وليس معناه أن وجهه نوراً حسيّاً وإنما عليه البهاء والمهابة والنضرة وقد قال صلى الله عليه وسلم : " نضّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها " وهذا دعاء منه صلى الله عليه وسلم لأهل الحديث الذين يحفظون كلامه على وجهه الذي عناه المصطفى صلى الله عليه وسلم ويؤدونه أن يبيض الله وجوههم وينورها , لا الصوفية الذين يتبعون أهوائهم ويحرفون كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم على أهوائهم فإن وجوههم مظلمة , وصدق ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } قال : ( تبيّض وجوه أهل السنة وتسوّد وجوه أهل البدعة ) , والبدعة هاهنا مطلقة فكل صاحب بدعة يسوّد وجهه على حسب بدعته التي ابتدعها سواء كانت بدعة التصوف أو بدعة التشيع أو بدعة التحزب أو بدعة التمذهب بالمذاهب الباطلة وكذلك بدعة التعصب للرجال والأقوال الفاسدة - وأي بدعة خلاف السنة - حاشا الوحيين فإن المؤمن مأمور أن يتعصب لهما وأن يعتصم بهما فإنهما هما العصمة والنجاة والهداية والنور .
والمفتي هداه الله في تسويغه في هذا الباب هو ضال ويضلل عباد الله فالله حسيبه .
ثم الأسئلة التالية وكلها أو معظمها جانب فيها الصواب هداه الله .

السؤال الثالث :
هل النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره ؟ وما مدى أثر تلك الحياة علينا في حياتنا الدنيا ؟
فأجاب بقوله : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره بروحه وجسده ) .

قلت : وهذا ضلال , يجب أن يقيد بأنها حياة برزخية ليس كحياته في الدنيا لا يعلم حقيقتها إلا الله جل وعلا , وإلا فإنه يدفن وهو حيٌ فهذا تعذيب له صلى الله عليه وسلم وهو كفر , والصحابة مبرؤون من ذلك فإنهم رضوان الله عليهم لم يدفنوه حتى تيقنوا أنه مات وتوفي وخرجت روحه من جسده ولذا قالت فاطمة رضي الله عنها من شدة حزنها عليه : ( ياأنس كيف طابت نفوسكم أن تهيلوا التراب على رسول الله ) , وقد جاء في الحديث : " إكرام الميت دفنه " . 

ولكن الصوفية يعتقدون أنه حي كحياتنا بدلالة أنهم يعتقدون أنه يخرج من قبره ويغيث فلان وعلان وهذا هو الشرك الذي زينه الشيطان للعباد ليفصلهم عن ربهم ويربطهم بالمخلوقين ويصدهم عن الخالق ولذا فإن الصوفية يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُرى يقظة بدلالة السؤال الرابع الذي سُئله المفتي .

السؤال الرابع :
وهو هل يمكن فعلاً أن يُرى الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء اليقظة ؟
فخلص المفتي وخلط هداه الله بقوله : ( إن رؤية الصالحين للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة قد تحدث ولا يوجد مانع عقلي أو شرعي يمنعه ) .

قلت : ولعله استند إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " من رآني في المنام فسيراني في اليقظة لا يتمثيل الشيطان بي " قلت فقوله " من رآني في المنام " هذا خبر يدل على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأن رؤيته في المنام لا إشكال فيها وأن ذلك ليس رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم نفسه وذاته وإنما كما قال القرطبي ونقله الحافظ عنه بقوله : ( قد تقرر أن الذي يرى في المنام أمثلة للمرئيات لا أنفسها - أي ذاتها – غير أن تلك الأمثلة تارة تقع مطابقة وتارة يقع معناها ) أ.هـ .
قلت : إذا فتلك الأمثلة التي يراها الرائي في رؤياه قد تكون مطابقة لما في الحقيقة وقد تكون معناها , أي أن رؤية الرائي لايرى ذات الشيء بذاته وإنما يرى أمثلته و مايطابقه أو مافي معناه , إذا فقوله صلى الله عليه وسلم : " فسيراني في اليقظة " أي فسيرى مايطابقه في اليقظة أو مافي معناه هذا إن صدقت رؤياه , وإلا فالشيطان يتلاعب بكثير من أصحاب الأهواء ويظن أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو لم يره , ولذا قال علماء التعبير كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( إذا قال الجاهل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يُسأل عن صفته فإن وافق الصفة المروية الصحيحة أي ما ثبتت بالأسانيد الصحيحة وإلا فلا يقبل منه ) , وقد ذكر الحافظ رحمه الله ستة أقوال أو أكثر في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : " فسيراني في اليقظة " , وقد ورد أيضاً : " فقد رأى الحق " .
والذي يظهر لي - والله أعلم - أنه من رآه صلى الله عليه وسلم في منامه على الصفة الحقيقية الصحيحة التي كان عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم حال حياته والتي ثبتت بالأسانيد الصحيحة وهي حياة الإسلام الصحيح الذي أنزله الله على رسوله وعمل به المصطفى صلى الله عليه وسلم كما يحب الله والذي لم يشوبه أي خلط من الأهواء والمذاهب والطرق بل كان صلى الله عليه وسلم هو الذي طبق الإسلام الحق وهو الدين الحق فمن رآه على ذلك فقد رأى الحق وهو الإسلام الصحيح ثم بعد ذلك تلك الرؤيا انعكاس لحال الرائي وموقفه من الحق وهو الإسلام الصحيح فقد تكون له بشارة وقد تكون له نذارة بحسب تمسكه وعمله بالإسلام الصحيح الحق , وأما مايدندن حوله الصوفية الضالة من أن المصطفى صلى الله عليه وسلم يخرج من قبره ويرونه بذاته الشريفة فهذا ضلال لا يقول به عاقل فضلاً عن المؤمن الصادق الإيمان .

وإلا لماذا الصحابة رضوان الله عليهم دفنوه وأهالوا عليه التراب على جسده وذاته وهم أصدق الناس إيماناً به ومحبة له صلى الله عليه وسلم ولم يروه يقظة بعد أن دفنوه إلى أن لحقوا به صلى الله عليه وسلم , وقد قال لهم صلى الله عليه وسلم : " اصبروا حتى تلقوني على الحوض " , بقيت حياته في قبره وهي حياة برزخية تختلف تماماً عن حياتنا هذه الدنيوية ولا يعلم حقيقتها إلا الله جل وعلا .
والمصطفى صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى كما أخبر في آخر حياته حيث قال : " اللهم في الرفيق الأعلى " فالمفتي هداه الله ارتكب محظوراً وهو المغالاة في المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان الأصل في ذلك أن يقف حيث وقف الصحابة رضوان الله عليهم والأئمة من بعدهم ومن تبعهم بإحسان , ولو كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يُرى يقظة بذاته ويخرج من قبره ويُخاطب العباد لخرج لأصحابه وخاطبهم فيما اختلفوا فيه , وهؤلاء الصوفية المتأخرين ليسوا بأفضل من الصحابة المتقدمين .

السؤال الخامس :
ماحكم تسويد النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وخارجها ؟

وأجاب المفتي هداه الله بضلال آخر وهو أنه ( يجوز أن يسوّد المصطفى صلى الله عليه وسلم في الصلاة والآذان وغيره ) .
قلت : والصحابة رضوان الله عليهم كلهم عن بكرة أبيهم لم يفعلوا هذا الأمر وكذا التابعون ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا وإن شاء الله إلى يوم الدين , إلا الصوفية الضلال المغالين في الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم غلواً بارداً لا يفعله مؤمن صادق الإيمان متبعاً له حقيقة الاتباع حيث قال : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم " , والصحيح أنه لايجوز تسويده في الصلاة أي في التشهد , وأما خارج الصلاة فلا إشكال أنه سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه وفداه أبي وأمي .

السؤال السادس :
حكم الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فيتجرأ المفتي الصوفي ويقول الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته لأنه أصل الأصول وذهب يتشبث بشبهات وأمور هي أبعد عن الاحتفال وقد عُلم أن أساس المولد والحمدلله أنه من الفاطميين الضلّال ولم يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا الأئمة المتبوعين بإحسان إلى يومنا هذا كالأئمة الأربعة , والذي يظهر والله أعلم أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة منكرة لم تكن على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم , ويكفينا ماكفاه صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه ولانغير ولانبدل ونسأل الله جل وعلا أن يرزقنا حبه صلى الله عليه وسلم الحب الصحيح واتّباعه والثبات على ماكان عليه وأن يحشرنا معه فقد صح عنه أنه يذاد أناس عن حوضه من أمته وعليهم سيما السجود فيقول : " أصحابي أصحابي , فيقال له : لاتدري ما أحدثوا بعدك ؟ " نسأل الله السلامة من أن نذاد عن حوضه صلى الله عليه وسلم , فمن أحدث في دين الله جل وعلا مالم يأذن به الله معرض للذود عن حوضه صلى الله عليه وسلم في يوم هو أشدّ حاجة إلى جرعة ماء إلا أن يتوب .


السؤال السابع :
وهو الإتيان إلى قبره صلى الله عليه وسلم وسؤاله والاستغفار استشهاداً بالآية : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } .

فذكر المفتي قصة موضوعة وضعيفة صاحبها أعرابي مجهول واستدل بها المفتي على جواز ذلك حتى يقع في الشرك ويوقع غيره وهذا من وسوسة الشيطان له لأن سؤال الأموات والطلب منهم لا إشكال أنه شرك .

والآية عقلاً وشرعاً هي في حال حياته وليست بعد وفاته بدلالة أن الصحابة رضوان الله عليهم وهم أفهم الناس لذلك لم يكن أحد منهم يأتي إلى قبره صلوات الله وسلامه عليه ويطلب منه ويسأله الاستغفار ولا يستطيع أي عبد على وجه الأرض مفتي أو غيره أن يثبت ذلك , والصحابة رضوان الله عليهم أفهم الناس للإسلام فالحمدلله نستغفر الله ليلاً ونهاراً في أي مكان كان فالله حاضر بعلمه وعالم وغفار ويسمع دعاء من دعاه ويُجيبه ولانحتاج إلى وسوسة الشيطان للشرك الذي أضل به عباد القبور.

ونسأل الله أن يتوب على هذا المفتي من هذا الضلال الذي ضل ويضلل العباد به .

السؤال الثامن :
وهو التوسل بالمصطفى صلى الله عليه وسلم ؟
وأظهر المفتي الشرك في فتياه حيث أجاز التوسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء أي ينادي النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوه وذكر قصصاً باطلة زينها له الشيطان ليصده عن الله جل وعلا وردّ على شيخ الاسلام ابن تيمية وغمزه حيث قال : ( لاعبرة لمن شذّ كابن تيمية ) , وادّعى الأجماع على صحة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا من ضلاله نسأل الله أن يهدينا إلى الصراط المستقيم .

السؤال التاسع :
الحلف بغير الله كقوله ( بالنبي أو بالكعبة وسيدنا الحسين وغلاوته عندك ) وما شابه ذلك ؟
وكعادته تمحلّ في الجواب وأن هذا ليس بحلف وإنما ترجي وتأكيد للكلام حيث قال وبناءاً على ذلك فإن الترجي وتأكيد الكلام بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل البيت أو غير ذلك مما جاء في السؤال مما لا يُقصد به حقيقة الحلف هو أمر مشروع لا حرج على فاعله .

أقول أدوات الحلف هي الواو ( والله ) والباء ( بالله ) والتاء ( تالله ) وهاهنا تعظيم بأدوات الحلف بالواو والباء والتاء والحلف هو التعظيم , فلولا الكعبة عظيمة ومعظمة وكذا النبي صلى الله عليه وسلم وكذا الحسين وغيره مما يعظم في نفوس بعض الناس لما أقسم به وحلف به وعظمه وجعله مساوة للرب جل وعلا ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " لاتقولوا والكعبة ولكن قولوا وربّ الكعبة " .
والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول : " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " ويقول : " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " .
ولماذا لا يوجه العباد إلى الخط المستقيم بل يسوغ للخط المعوج ويتركهم على ماهم عليه فالله المستعان .

يتبع ...


عدد زوار الموقع