آخر المواضيع

مرحباً بكم على موقع ((لا صوفية في الإسلام)) تجدون في هذا الموقع : مقالات، صوتيات، كتب، مرئيات، وغيرها من الفوائد والفرائد والكنوز. نتمنى لكم متابعة ممتعة ومفيدة..

الثلاثاء، 17 مارس 2009

تاريخ التيجانية في الجزائر

قال الدكتور علي بن محمد آل دخيل الله في كتابه ((التجانية)) ص. 66 :
(قدم التجانيون في الجزائر والمغرب خدمات جليلة للفرنسيين ، وقد كافأهم الفرنسيون على هذه الخدمات بالمال والجاه والنفوذ،
و سأذكر فيما يلي مجموعة من الحقائق التأرخية التي تدين التيجانيين و تبيين علاقتهم الوثيقة بالإستعمار والمستعمرين:
قال (روم لاندو) في كتابه : (تاريخ المغرب في القرن العشرين) : ((وقد خبر الفرنسيون قضية الطرق الصوفية والدور الذي تلعبه مرات متعددة من قبل، وثمة وثيقتان قلما يعرفهما الناس تزودنا بالمعلومات الطريفة ؛ أولهما رسالة بعث بها قبل قرن من الزمن المارشال (بوجو) أول حاكم للجزائر إلى شيخ التجانية ذات النفوذ الواسع، إذ أنه لولا موقفها المشبع بالعطف لكان اسقرار الفرنسيين في البلاد المفتتحة حديثا أصعب بكثير مما كان)).
و يقول المارشال في نهاية الرسالة: ((عندما تشعر بحاجة إلى شيء ما أو إلى خدمة من أي نوع كانت فما عليك إلا أن تكتب إلى مرافقي الذي سيسره أن يبلغني رغباتك)).
ثم قال (روم لاندو) :
((و وثيقتنا الثانية تلقي ضواءا على طريقة الإقناع، إنها إعلان بعث به خليفة التيجاني الذي تلقى رسالة المارسال (بوجو) إلى أتباعه بمناسبة الحرب بين فرنسا والأمير عبد الكريم سنة 1925م يدعو فيه إخوانه إلى مؤازرة الدولة المسيحية ضد مواطنيهم من المسلمين.و يقول الشيخ التيجاني محمد الكبير بن البشير في هذا الإعلان :
((إن فرنسا تكافئ على الخدمات التي تقدم لها.. و فرنسا قد انتصرت مؤخرا في حرب (1914-1919م) على واحدة من أعظم دول أربا وأقواها، ألا ينصر سبحانه من يشاء))
ويقول (بول أودينو) :
((خلال السنين الستين الأخيرة كانت التيجانية تقدم لنا العون، ومنذ سنة 1911م و نحن نستغل نفوذها القوي في جنوبي المغرب وموريتانيا والريف)).
وفي 1287هـ-1870م عندما هزم الفرنسيون شر هزيمة قام أحمد التيجاني - الحفيد - بتقديم الشكر باسم الجزائريين إلى بقية جنود التيرايور الذين سلموا من معركة (ريش - هوفن) ووقعة (ويسانبور) فكافأه الكردينال لافيجري بأن تولى عقد زواج أحمد التيجاني شيخ التيجانية يومئذ على مدام (أوريلي بيكار) التي بقيت على كاثولكيتها، ولما توفي عنها خلفه عليها و على سجادة التيجانية أخوه علي فصاروا يسمونها (زوجة السيدين)، وقد كتبت كتابا بعنوان : (أميرة الرمال) ملأته بالمثالب على مسلمي الجزائر والزاوية التيجانية، وقد كافأتها السلطات الفرنسية لقاء ما قدمته من خدمات بوسام جوقة الشرف و قالت عنها في براءة التوجيه :
(إن هذه السيدة قد أدارت الزاوية التيجانية إدارة حسنة كما تحب فرنسا و ترضى، وساقت إلينا جنود مجندة من (أحباب) هذه الطريقة و مريديها يجاهدون في سبيل فرنسا صفا كأنهم بنيان مرصوص)). انتهى ملخصا.
و عندما قامت بعثة عسكرية في سنة 1349هـ - 1931م بزيارة منطقة الأغواط بالجزائر دعاها شيخ التيجانية في ذلك الحين محمد الكبير لزيارة عين ماضي المركز الرئيسي للطريقة التيجانية، و هناك ألقى حسني سي أحمد بن طالب خطبة باسم الشيخ محمد الكبير ذكر فيها بعض الخدمات التي قدمتها التيجانية للفرنسيين فكان مما قاله :
((إن من الواجب علينا إعانة حبيبة قلوبنا فرنسا ماديا وأدبيا وسياسيا، ولهذا فإني أقول لا على سبيل المن والإفتخار و لكن على سبيل الإحتساب والتشرف بالقيام بالواجب : إن أجدادي قد أحسنوا صنعا في انضمامهم إلى فرنسا قبل أن تصل إلى بلادنا وقبل أن تحتل جيوشها الكريمة ديارنا))...
((ففي سنة 1838م كان جدي سيدي محمد الصغير قد أظهر شجاعة نادرة في مقاومة أكبر عدو لفرنسا الأمير عبد القادر الجزائري، و مع أن هذا العدو قد حاصر بلدتنا (عين ماضي) و شدد عليها الخناق ثمانية أشهر، فإن هذا الحصار انتهى بتسليم فيه شرف لنا نحن المغلوبين و ليس فيه شرف لأعداء فرنسا الغالبين، وذلك أن جدي أبى وامتنع أن يرى وجها لأكبر عدو لفرنسا فلم يقابل الأمير عبد القادر)).
((و في سنة 1864م كان عمي سيد أحمد مهد السبيل لجنود الدوك دومال وسهل عليهم السير إلى مدينة بسكرة و عاونه على احتلالها)).
((و في سنة 1881م كان المقدم سي عبد القادر بن حميدة مات شهيدا مع الكولونيل (فلاتين) حيث كان يعاونه على احتلال بعض النواحي الصحراوية)).
((و في سنة 1894م طلب منا مسيو (جول كوميون) والي الجزائر العام يومئذ أن نكتب رسائل توصية فكتابنا عدة رسائل وأصدرنا عدة أوامر إلى أحباب طريقتنا في بلاد (الهكار) (التوارق) والسودان (أي السودان الفرنسي) نخبرهم بأن حملة فود ولامى الفرنسية هاجمة على بلادهم، ونأمرهم بألا يقابلوها إلا بالسمع والطاعة، وأن يعاونوها على احتلال تلك البلاد و على نشر العافية فيها)).
((و بالجملة فإن فرنسا ما طلبت من الطائفة التجانية نفوذها الديني ألا وأسرعنا بكل فرح ونشاط بتلبية طلبها و تحقيق رغائبها و ذلك لأجل عظمة و رفاهية و فخر حبيبتنا فرنسا النبيلة)).
و من هذه النصوص يتبين كيف تمكنت فرنسا من قلوب مشايخ الطريقة التيجانية في الجزائر، فقدموا لها سنوات ما لا تستطيع الجيوش أن تقدمه في قرون، وبهذا تدرك سر تمكن الإستعمار الفرنسي في الجزائر والشمال الإفريقي و بقائه مدة طويلة من الزمن، كما تدرك سر خطورة انحراف المسلمين عن منهج الإسلام الصحيح و كيف يجر هذا الإنحراف على الأمة النكبات والويلات.
نسأل الله أن يعصمنا من الزلل.
و ما تمكن الإستعمار في عصرنا الحاضر في أصقاع العالم الإسلامي المترامي الأطراف إلا نتيجة من نتائج البعد عن كتاب الله.
عدد زوار الموقع