جمعُ كلام أهل العلم حول المشروع المسمى (السلام عليك أيها النبيّ) لصاحبه ناصر الزهراني -هداهُ الله-
(1)
سماحة المفتي العلاّمة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ -حفظه الله-
المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء
سئل سماحة المفتي العلاّمة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله ورعاه السؤال الآتي فكانت إجابته كالآتي:
السؤال: هذا السائل يقول؛ هناك مشروع الآن تحت مسمى "السلام عليك أيها النبي" ويحوي متحفا مكونا من أواني وملابس ونحوها محاكاةً لما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فهل مثل هذا العمل حسن أو هو مما يكون بابا للتبرك المحرم؟
الجواب: (والله كونه للتبرك أقرب أمّا حسن لا والله ماهو حسن ، كونه للتبرك وفتح المجال والغلو فيه هذا هو الأقرب ، نعم.)
[محاضرة "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين" ضمن ملتقى سيرة الخُلفاء لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ]
(2)
العلاّمة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء
(أ) لا يجوز إحياء الآثار
قرأت في صحيفة الرياض الصادر يوم الاثنين 18 رمضان مقابلة مع الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني حول إقامة مدينة (السلام عليك يا رسول الله) بين مكة وجدة على مساحة مليون متر مربع، المشروع يحوي على 1500 قطعة تحكي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة وبطريقة حديثة، وأن المشروع بعد تدشينه ستفتح أبوابه للزائرين 24 ساعة ويستوعب 500 زائر في الساعة إلى آخر ما جاء من وصف المشروع وأنه يحوي على محاكاة لحلي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والجبة والصاع والمد وأنواع الأثاث والسلاح والمكاييل والعملات وأنواع الطعام والشراب – إلخ.
وهذا العمل لا يجوز لعدة محاذير منها:
1- أن هذا خلاف ما أمرنا به من العمل بسنته لأنه يشغل عن ذلك فهو استبدال الغير المشروع بالمشروع لأنه لا يجمع العمل بالشيء مع العمل بضده.
2- أن هذا خلاف ما نهينا عنه فهو إحياء للبدع وترك للسنن فهو عمل محدث وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وقال عليه الصلاة والسلام: "وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة".
3- أن هذا الشيء لم يفعله الصحابة والتابعون ومن أتبعهم بإحسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".
4- أن هذه الأشكال التي تقام في هذا المعرض ليست هي الأدوات التي كان يستخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هي أشكال صنعت حديثا ففي هذا تمويه على الناس.
وكون بعض الصحابة يتبركون بأواني الرسول وملابسه التي لامست جسمه الشرف إنما هو بأعيان تلك الأواني والملابس لا بما يشبهها بالشكل لأنه يفقد المعنى وهو ملامسة جسم النبي صلى الله عليه وسلم.
5- أن إيجاد هذه الأشياء فيه وسيلة إلى الشرك لأن الجهال من الناس سيتعلقون بها لكونها نسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان وسيلة إلى الشرك فهو محرم على قاعدة سد الذرائع.
6- أن هذا سيصرف العوام عن التوجه إلى مكة والمشاعر أو يقلل من أهميتها عندهم لأن كثير من النفوس يميل إلى البدعة ويتعلق بها ويترك السنة وما كان صارفا عن السنة فهو محرم.
7- إن هذه البلاد – بلاد الحرمين – هي بلاد التوحيد يجب أن تطهر من الشرك ووسائله قال الله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، وقال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
8- ولس هناك مبررات لهذا العمل تقابل المحاذير المترتبة عليه، وقول أن هذا العمل فيه توضيح للمسميات الواردة في السنة نقول عنه إن توضيح هذه المسميات يؤخذ من شروح الأحاديث ومفردات اللغة العربية فلا حاجة إلى وضع مجسمات يزعم أنها توضحها مع ما يترتب على ذلك من المحاذير المذكورة وما هو أعظم منها – وعلى كل حال يسعنا ما وسع السلف الصالح.
9- اقتطاع الأراضي الواسعة لإقامة هذا المشروع وإنفاق الأموال الطائلة لتمويله جهد ضائع فلو وزعت هذه الأراضي مساكن للفقراء وأنفقت هذه الأموال في تعميرها لهم لكان ذلك سدا لحاجة المحتاجين ووضع للمال في موضعه الصحيح.
فالمؤمل في ولاة أمورنا وفقهم الله وقف هذا المشروع لما فيه من المحاذير حماية للعقيدة من الشرك ووسائله كما عهدناه منها، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
1433/09/20هـ
(ب) التأكيد على منع وضع مجسمات لمقتنيات النبي صلى الله عليه وسلم ومستعملاته
في هذه المقالة أريد التأكيد على عدم جواز وضع مجسمات تشبه الأدوات التي كان يستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم مما ورد ذكرها في الأحاديث، لأن هذا العمل يترتب عليه محاذير شرعية أعظمها أن هذا وسيلة للتبرك بها من قبل الجهال والخرافيين، وما كان وسيلة إلى الحرام فهو حرام على قاعدة سد الذرائع التي تؤدي إلى الشرك، كما منع النبي صلى الله عليه وسلم أن يقال له: أنت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا، ومنع من الاستغاثة به في قوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله عز وجل، ولا شك أن وضع مجسمات تحاكي الأواني والمقتنيات التي كان يستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم تؤدي على ما ذكر خصوصا في هذا الزمان الذي فشا به الجهل بالعقيدة الصحيحة وكثر فيه دعاة الضلال وخصوصا إذا وضع لذلك معرض خاص وفتح للزائرين كما ينادي به بعضهم، وقد جاء في خطاب سماحة المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء لخادم الحرمين برقم 116/س/2 بتاريخ 11-11-1421هـ أن مجلس هيئة كبار العلماء قد توصل إلى أن وضع مجسمات للكعبة والمشاعر المقدسة أمر لا يجوز لما يترتب عليه من المحاذير الشرعية وإن كان الغرض منه تدريب الحجاج في بلدانهم على أداء المناسك كما جاء في فتوى اللجنة الدائمة رقم 20266 وتاريخ 3-3-1419هـ أن صناعة المجسمات من الخشب وغيره لبعض الشعائر الإسلامية كالكعبة ومقام إبراهيم والجمرات وغيرها لغرض التعليم لأداء مناسك الحج لا يجوز بل هو بدعة منكرة لما يفضي إليه من المحاذير الشرعية كتعلق القلوب بهذه المجسمات ولو بعد حين وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، أخرجه مسلم في صحيحه، كما جاء في الفتوى رقم 20240 وتاريخ 16-02-1419هـ لا يجوز تصنيع مجسم للكعبة المشرفة وللقبة التي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن ذلك يفضي إلى محظورات يجب الحذر منها وسد كل باب يوصل إليها انتهى، ووضع مجسمات للأواني والأدوات التي كان يستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم أشد مما ذكر، وعليه فيجب منع ذلك محافظة على عقيدة المسلمين، ولذلك ما كان المسلمون يفكرون في إقامة مثل هذا المشروع لا سلفاً ولا خلفا، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
كتبه
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
1433-10-11هـ
(ج) التعقيب على مشروع الدكتور ناصر الزهراني مرة أخرى
كنت قد علقت على المقابلة التي نشرت في جريدة الرياض مع الدكتور ناصر الزهراني حول مشروعه الذي يعتزم إقامته تحت عنوان: السلام عليك أيها النبي ويحتوي هذا المشروع على عمل مجسمات تحاكي الأدوات والأواني التي كان يستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم لغرض التذكير بسيرته وقلت إن هذا المشروع فيه عدة محاذير:
1- أن هذا عمل لم يعمله سلفنا الصالح ولا أحد من الأمة إلى عصرنا الحاضر فهل في تركهم له تقصير منهم في حق النبي صلى الله عليه وسلم أو أنهم لم يستسيغوا ذلك لما فيه من التكلف ولما يجر إليه من تبرك الجهال بهذا الأشكال المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مما هو وسيلة إلى الشرك.
2- ما هو الدليل المسوغ لذلك من كتاب الله وسنة رسوله وعمل سلف الأمة وأئمتها وهم القدوة لنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- أن إحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والتذكير بسيرته يكونان بحفظها ونشرها تعلما وتعليما وعملا.
4- لم أجد من الدكتور ناصر – حفظه الله – إجابة صحيحة مقنعة عن هذه الأسئلة. و أشد من ذلك الإجابة التي نشرت في جريدة عكاظ عدد الجمعة 12 شوال من الشيخ الدكتور حاتم العوني – حفظه الله – يبرر إقامة هذا المشروع ويثني عليه دون أن يذكر حججاً مقنعة لما قال إلا حججاً غريبة بعيدة عن الموضوع مثل قوله:
1- هذا العمل ليس بدعة. وإنما هو من المصلحة المرسلة وليست من التعبد. وإنما هي وسيلة تحقيق عبادة و الشرع لم ينه عن الوسيلة.
2- هذا المشروع مثل جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر ثم في عهد عثمان رضي الله عنه – وهو مثل الخطوط التي في المسجد تعين على تسوية الصفوف.
3- أنكر فضيلة الدكتور حاتم كون هذه الأشكال التي تصنع لتمثيل مقتنيات النبي صلى الله عليه وسلم ومستعملاته أنكر أن يكون هذا العمل وسيلة إلى الشرك حيث قال: فاحتمال هذا التبرك الممنوع لا يرد هنا
4- وزاد: أما المصالح الكبيرة المترتب عليه. فلو لم يكن فيها إلا أن يستحضر الناس السيرة النبوية وتتجسد عندهم كثير من قصصها ويعمق فهمهم لكثير من أخبار صلى الله عليه وسلم وحياته الشخصية مما يزيد المسلمين له حباً وبه علما لكفاه أهمية وشرفا – هذا حاصل ما أدلاء به الدكتور حاتم وتعقيبا عليه نقول:
1- قوله: هذا العمل ليس بدعة وإنما هو من المصلحة المرسلة وليس من التعبد. وإنما هي وسيلة لتحقيق عبادة يلاحظ عليه:
1- التناقض بين قوله: ليس من التعبد وقوله إنه وسيلة للعبادة. إذ الوسيلة للعبادة عبادة مثل المشي للصلاة في المسجد فالمشي عبادة لأنه وسيلة للعبادة يؤجر عليها بكل خطوة حسنة ويحط عنه سيئة كما في الحديث.
2- قوله إنه من المصلحة المرسلة نقول المصلحة المرسلة لا تأتي في العبادات وأمور العقيدة لأنها توقيفية وفيها خلاف بين الأصوليين وتعارض قاعدة سد الذرائع المفضية إلى الشرك وهي قاعدة عظيمة دل عليها الكتاب والسنة ولا شك أن عمل هذه المجسمات ونسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسيلة إلى التبرك بها وما كان وسيلة إلى الحرام أو الشرك فهو حرام.
3- قوله هذا المشروع مثل جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر وفي عهد عثمان رضي الله عنهما ومثل الخطوط التي في المساجد لتعديل الصفوف – والجواب عن ذلك أن جمع القرآن الكريم تم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أمر بكتابته كله ولم يمت صلى الله عليه وسلم إلا وقد كتب القرآن كله – لكنه كتب على أشياء متفرقة عند الصحابة. والذي عمله أبو بكر رضي الله عنه هو جمع هذه المكتوبات في مكان واحد خشية أن يضيع شيء منها. ولما كثرت المصاحف في أيدي الصحابة في عهد عثمان رضي الله عنه وفي بعضها اختلاف جمع عثمان رضي الله عنه الصحابة على مصحف واحد تلافياً للخلاف. فاتضح أن جمع القرآن ليس عملا محدثاً وإنما تم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وأما الخطوط التي ذكرها في بعض المساجد فليست من سنة الرسول وإنما كان الرسول يأمر بتسوية الصفوف وتعديلها ولم يضع لهم خطوطا يقفون عليها.
4- وإما إنكاره أن يكون عمل هذه الأشكال التي يقصد بها محاكاة مقتنيات الرسول صلى الله عليه وسلم ومستعملاته وسيلة من وسائل الشرك فما أظن الدكتور حاتم يخفى عليه ما يجرى حول الدار التي تسمى دار المولد في مكة التي يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد فيها ما يجرى عندها من التبرك بها والتمسح بجدرانها والتبرك بها والتوجه إليها بالصلاة والدعاء . ولا يخفى عليه أيضا ما يجرى في غار حراء وغار ثور اللذين اختفى فيهما النبي صلى الله عليه وسلم للحاجة ولم يعد إليهما بعد ذلك وقد صارا مزاراً للمبتدعة ومحل تبرك يمارس عندها كثير من أنواع الشرك – فكيف يقول مع ذلك إنه لا يخشى من التبرك في هذه المجسمات التي ينوي الدكتور الزهراني إقامتها لتحاكي آثار النبي صلى الله عليه وسلم.
5- وأما ما زعمه الدكتور من حصول المصالح العظيمة الكبيرة المترتبة على هذا العمل ومن أعظمها عنده تذكير سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياته الشخصية – فنقول عنه: لماذا تغافل المسلمون عن هذه المصالح طيلة القرون الماضية هل ذلك تقصير منهم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم حاشا وكلا بل لأن ذلك غير مشروع ثم إن التذكير سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل في بالمدارسة والتعلم والتعليم وهو ما كان عليه عمل المسلمين مما فيه مصلحة محضة ولا محذور فيه "ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها"، "واتبعوا ولا تبتدعوا"، "لو كان خيرا لسبقونا إليه" هذا وأختم هذا التعقيب بنقل فتوى هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة بتحريم عمل شكل الكعبة المشرفة ومقام ابراهيم والحجرة النبوية والمشاعر لأن ذلك يؤدي إلى الشرك – وإليك نص ما كتبوا في هذا –جاء في خطاب سماحة المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء لخادم الحرمين برقم 116 / س / 2 وتاريخ 11/11/1421 هـ أن مجلس هيئة كبار العلماء قد توصل إلى أن وضع مجسمات الكعبة والمشاعر المقدسة أمر لا يجوز لما يترتب عليه من المحاذير الشرعية وإن كان الغرض منه تدريب الحجاج في بلدانهم على أداء المناسك – كما جاء في فتوى اللجنة الدائمة رقم 20266 وتاريخ 3/3/1419هـ أن صناعة المجسمات من الخشب وغيره لبعض الشعائر الإسلامية كالكعبة ومقام ابراهيم والجمرات وغيرها لفرض التعليم لأداء مناسك الحج لا يجوز بل هو بدعة منكرة لما يقتضي إليه من المحاذير الشرعية كتعلق القلوب بهذا المجسمات ولو بعد حين وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، أخرجه مسلم في صحيحه كما جاء في الفتوى رقم 20240 وتاريخ 16/2/1419 هـ لا يجوز تصنيع مجسمات للكعبة المشرفة وللقبة التي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن ذلك يفضي إلى محظورات يجب الحذر منها وسد كل باب يوصل إليها _ انتهى ووضع مجسمات للأواني والأدوات التي كان يستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم أشد مما ذكر. وعليه فيجب منع ذلك محافظة على عقيدة المسلمين. ولذلك ما كان المسلمون يفكرون في إقامة مثل هذا المشروع لا سلفا ولا خلفا. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
كتبه
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
1433-10-17هـ
(د) هؤلاء المشائخ أعجبتهم الأشكال وغفلوا عن الغايات والمآلات
كان الدكتور ناصر الزهراني قد نشر في بعض الصحف مقابلة مع بعض الصحفيين أعلن فيها عن قيامه بإعداد مشروع ضخم يحوي مجسمات وأشكالاً لآثار النبي صلى الله عليه وسلم ومقتنياته وللكعبة المشرفة والمسجد النبوي وحجرات النبي صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك إحياء بزعمه لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجمع ذلك في معرض واسع يتاح للزوار فكتبتُ تعقيبا على ما جاء في هذه المقابلة وبينت ما يترتب على هذا العمل من المحاذير الشرعية التي أعظمها أن ذلك وسيلة إلى الشرك بالتبرك بها بحكم نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكنه بعد ذلك أراد أن ينتصر لهذا المشروعفنشر في جريدة عكاظ العدد 16834 وتاريخ 1433/11/3هـ وفي جريدة الرياض العدد 16157 وتاريخ 2 ذي القعدة عام 1433هـ مقابلات له مع بعض العلماء من داخل المملكة وخارجها يؤيدون مشروعه هذا ويثنون عليه ويعجبون بمحتوياته مما قوى عزمه على المضي فيه وقد نشر صور هؤلاء المشائخ ونصوص مقالاتهم ليجعلها رداً على تعقيبي عليه وأقول:
إن هؤلاء المشائخ الذين ذكرتهم أيها الدكتور نظروا إلى العمل الفني التشكيلي لهذه المجسمات ولم ينظروا إلى ما يترتب عليه من المحاذير التي أهمها – كون هذا العمل وسيلة إلى الشرك بالتبرك بهذه المجسمات بحكم نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأول ما حدث الشرك في الأرض في قوم نوح حينما صوروا صور الصالحين ونصبوها على مجالسهم ليتذكروا بها أحوالهم فينشغلوا على العبادة بالاقتداء بهم ثم آل بهم الأمر إلى عبادتهم من دون الله عز وجل فكان هذا العمل وسيلة إلى الشرك فكذلك إقامة مجسمات لآثار النبي صلى الله عليه وسلم فالمآل ستكون وسيلة للشرك بالتبرك بها بحكم نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالمآل واحد، أو لم ير هؤلاء المشائخ ما يجري الآن حول دار المولد بمكة وغار ثور وغار حراء ومسجد البيعة وغيرها مما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من التبرك بها وما يعمل حولها من البدع والشركيات ألا يخاف هؤلاء المشائخ أن يزيد هذا الأمر ويعظم حول هذه المجسمات التي أثنوا على إقامتها وشجعوا عليها وقد عقد الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بابًا في كتاب التوحيد بعنوان: باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك، وأورد فيه حديث: "لا تجعلوا قبري عيدا"، أي بالتردد عليه والتبرك به وذكر فيه إنكار علي بن الحسين على الرجل الذي يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدعوا عندها، وعقد الشيخ بابًا آخر في هذا الكتاب بعنوان: ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد ومنع من ألفاظ تقال في حقه مثل أنت سيدنا وابن سيدنا، ويا خيرنا وابن خيرنا، وقال: "ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل أنا عبدالله ورسوله". وأنا أرى أن في هذا المشروع إذا تم نسفًا لجهود دعوة التوحيد في هذا البلاد وعملاً لما يضادها من الشرك ووسائله ولو على المدى البعيد، أليس عمر بن الخطاب قد قطع الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان في الحديبية لما رأى الناس يذهبون إليها ويصلون عندها ثم إن في الشعار التي وضع لهذا المشروع وهو: [السلام عليك أيها النبي] ما يوحي للجهال أن النبي صلى الله عليه وسلم له حضور في هذا المكان الذي تقام فيه هذه التماثيل بحيث يخاطبونه بالسلام عليه مما يزيد من الافتتان بهذه المجسمات المقامة، ثم أننا نتساءل هل هذا المشروع الذي يقيمه الدكتور ناصر ويؤيده عليه هؤلاء المشائخ هل هو من السنة التي تركها سلفنا خلال القرون الماضية أو هو عمل محدث ليس من السنة، فإن كان من السنة فهل الأمة قصرت في إقامته وإن لم يكن من السنة فلماذا نخالف إجماع الأمة على تركه ونحدثه، وكل محدثة بدعة إن دراسة السيرة النبوية أيها العلماء ليست بإقامة المجسمات المحدثة وإنما هي بدراسة أسانيدها والتفقه فيها كما فعل الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد وباستخلاص دروس التوحيد منها، والأمم السابقة إنما أهلكت بسبب تتبع آثار أنبيائهما والتبرك بها وإعراضهم عما جاءت به رسلهم ألا يكون لنا بهم عبرة والصحابة والسلف الصالح لما فنيت آثار النبي صلى الله عليه وسلم من ملابسه وأوانيه لم يقيموا لها مجسمات تشبهها وهم أحرص منا على الاقتداء به فلو كان هذا عملا مشروعا لسبقونا إليه (ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) كما قال الإمام مالك وقال عبدالله بن مسعود: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم)، ولقد أنكر الشيخ ابن باز والشيخ ابن حميد رحمهما الله على الكاتب الذي دعا إلى إقامة معالم طريق الهجرة وإقامة مجسمات لخيمتي أم معبد وغيرهما خشية من نتائج ذلك فليسعنا ما وسعهم ولا نشجع من يحاول إحياء الآثار الدارسة بإقامة مجسمات لها كما يحاول صاحب هذا المشروع وقد منعت هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة من عمل مجسمات للكعبة المشرفة والمسجد الحرام والمسجد النبوي وحجرات النبي صلى الله عليه وسلم كما نقلت ذلك عنهم في مقالتي السابقة، هذا ما أردت التنبيه عليه (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
1433.11.03هـ
(3)
العلاّمة المحدّث الشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر -حفظه الله-
المدرس بالجامعة الإسلامية سابقا والمدرس بالمسجد النبوي
تنبيهات على مشروع الموسوعة العلمية ومحاكاة الآثار النبوية
العلاّمة المحدّث الشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر -حفظه الله-
المدرس بالجامعة الإسلامية سابقا والمدرس بالمسجد النبوي
تنبيهات على مشروع الموسوعة العلمية ومحاكاة الآثار النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد؛ فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة الرياض بتاريخ 18/9/1433هـ عن مؤتمر صحفي للدكتور ناصر بن مسفر الزهراني تحدث فيه عن مشروع له أطلق عليه اسم ((السلام عليك أيها النبي)) جعل هذه الجملة ـ التي هي دعاء ـ مضافة إلى عدة كلمات هي: مركز ومعرض وموسوعة ومدينة ومكتبة وجامعة،وهو يشتمل على موسوعة علمية ومحاكاة للآثار النبوية، جاء فيه أن المعرض يحتوي على 25 موسوعة لن تقل عن 500 مجلد، وأن الموسوعة ربانية نبوية تعد أكبر موسوعة في التاريخ في بابها، موضوعها القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة، وأنها قامت على استقصاء كامل شامل لكل ما له علاقة بالثناء على الله تعالى والحديث عن ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ونعمه على عباده جل وعلا، ثم الاستقصاء الكامل الشامل لكل تفصيلات حياة النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه وأخلاقه وسيرته وشريعته، وأن المشروع بعد تدشينه في الأيام القليلة القادمة ستفتح أبوابه 24 ساعة للزوار وأنه يستوعب 500 زائر في الساعة.
وجاء فيه: ((وتُعد مكتبة ((السلام عليك أيها النبي)) العالمية مكتبة نوعية يتم فيها جمع واستيعاب كل ما كُتب عن النبي من كتب ومؤلفات ومصادر ومراجع ومطبوعات باللغة العربية وغيرها من اللغات الأجنبية، إضافة إلى الأعمال الصوتية والمرئية وغيرها))، وأن هذه المكتبة المتخصصة والنوعية سوف تكون أشمل وأكبر مكتبة في العالم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وجاء فيه أن الموسوعة أصلها القرآن والسنة الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح، ولن تضم الموسوعة كلمة واحدة إلا موثقة ومحققة ومن مصادرها الصحيحة جميعا، وليس هناك كلمة ولا فعل ولا إشارة ولا إيماءة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا وستضمها الموسوعة بشكل استقصائي شامل وجامع.
وجاء فيه أن المعرض والمشروع يحتوي على 1500 قطعة تحكي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ورد في الكتاب والسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبطرق حديثة.
وجاء فيه أن مدينة ((السلام عليك أيها النبي)) التي ستنشأ بين مدينة مكة المكرمة ومدينة جدة خُصص لها أكثر من مليون متر مربع، وأنها ستشتمل على مناشط مختلفة منها جامعة ((السلام عليك أيها النبي)) وصالات عرض مزودة بأحدث وسائل التقنية وأكبر معرض رباني نبوي مجهز بأحدث وسائل التقنية وأكبر متحف نبوي مجهز بأحدث وسائل التقنية ومجسمات للمسجد الحرام وما يحيط به ومجسمات للمدينة النبوية والمسجد النبوي والحجرات النبوية ومجسمات للمشاعر المقدسة: منى، عرفة، مزدلفة، ومجسم لطريق الهجرة النبوية، ومتخصصة عن كل ما كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم وفنادق مصممة بنظام العمارة الإسلامي ومطاعم متنوعة تهتم بأنواع المأكولات والمشروبات التراثية وخصوصا المعروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأسواق مصممة على نظام العمارة الإسلامية.
وجاء فيه أنه تم التعاون مع كبار الأثريين العرب حيث هناك محاكاة لحلي نساء الرسول والجبة والصاع والمد وغيرها كذلك أنواع الأثاث والسلاح الواردة في القرآن الكريم وأنواع الحلي والزينة الواردة في القرآن الكريم وأنواع المكاييل والعملات في القرآن الكريم وأنواع الطعام والشراب في القرآن الكريم مؤكدا أنه سيتم خلال أقل من سنتين تعميم المشروع على العالم كله مشيرا إلى أن المشروع سيغير الصورة الذهنية لدى الكثيرين وسيكون بإذن الله سببا في دخول الكثير في الدين الإسلامي لافتا إلى أن المعرض مبتكر ومتميز يبرز عظمة الإسلام وجلال القرآن وعظمة النبي صلى الله عليه وسلم وكريم أخلاقه وآدابه وشمائله مقره الرئيس مكة المكرمة، وسيكون له فروع في المدينة المنورة والرياض وجدة، وكذلك سوف يكون هناك المعرض الدولي المتنقل في العواصم العالمية بعدة لغات إضافة إلى مقرات دائمة لـ(مركز السلام عليك أيها النبي) في كبرى عواصم العالم.
وجاء فيه أنه قام بزيارة المشروع عدد من أصحاب السمو الأمراء وأصحاب السماحة العلماء وعدد كبير من المفتين في العالم الإسلامي وقد أبدوا تأييدهم وإعجابهم، مؤكدا أنه هو من يموِّل المشروع وحده.
وجاء في الصحيفة صورة للدكتور الزهراني ومعه ستة رجال وثلاث نسوة على طاولة! وقد يكون هؤلاء هم المشاركين في المؤتمر الصحفي.
هذا غالب ما اشتمل عليه الحديث الصحفي للدكتور ناصر الزهراني وأعلق بهذه التنبيهات:
الأول: هذه التسمية لهذا المشروع وهو ((السلام عليك أيها النبي)) بهذا الاسم المضاف إلى (مركز وموسوعة وجامعة ومكتبة ومدينة ومعرض) تسمية غريبة عجيبة؛ لأن جملة ((السلام عليك أيها النبي)) إنشائية وهي دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم وليست خبرية وهذه التسمية ليست مستقيمة؛ لأنه روعي فيها اللفظ فهي كلفظ الجلالة في جملة (الله اسم عربي) ولم يراع فيها المعنى كلفظ الجلالة في جملة (الله رب العالمين)، وأيضا المشروع شامل للكتاب والسنة فلا وجه لتخصيص تسميته بهذه الجملة الإنشائية، ويزداد الأمر غرابة أن يكتب بالأحرف الكبيرة على مدخل المبنى الخاص بالمشروع جملة: ((السلام عليك أيها النبي)) وهي خطاب ودعاء، وأيضا فإن هذا الدعاء جاء في التشهد في الصلاة من حديث ابن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم في الصحيحين وغيرهما بكاف الخطاب، ولفظه ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته))، وجاء في رواية للبخاري (6265) بزيادة ((وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام ـ يعني ـ على النبي))، والمعنى أن الصحابة كانوا يقولون: ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)) بكاف الخطاب، فلما توفي صاروا يقولون: ((السلام على النبي)) بالغَيبة؛ لكن جاء في تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في موطأ الإمام مالك (53) بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: قولوا: (التحيات لله)، وفيه (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) بكاف الخطاب، وهذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم جاء عنهم هذا وهذا، والأمر في ذلك واسع، فللمصلي أن يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وله أن يقول: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، ولم يكن الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم متفقين على اللفظ الذي ورد في تسمية الدكتور الزهراني لمشروعه وهو لفظ ((السلام عليك أيها النبي)).
الثاني: جاء في الحديث الصحفي ((أن الموسوعة ربانية نبوية تعد أكبر موسوعة في التاريخ في بابها، موضوعها القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة))، وجاء فيه أن الموسوعة أصلها القرآن والسنة الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح، ولن تضم الموسوعة كلمة واحدة إلا موثقة ومحققة ومن مصادرها الصحيحة جميعا، وليس هناك كلمة ولا فعل ولا إشارة ولا إيماءة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا وستضمها الموسوعة بشكل استقصائي شامل وجامع.
وأشير حول هذا الكلام بما يلي:
1ـ هذه الدعوى العريضة الواسعة من الدكتور ناصر الزهراني وفقه الله لما يرضيه لموسوعته أنها تُعد أكبر موسوعة في التاريخ في بابها، وأنها لن تترك كلمة ولا فعلا ولا إشارة ولا إيماءة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا وستضمها بشكل استقصائي شامل وجامع، هذه الدعوى أشبه ما تكون بالخيال الذي لا يكون للواقع حظ فيه باعتبار شرط الصحة في الأحاديث، والشيخ ناصر الألباني رحمه الله الذي أفنى عمره في الاشتغال بالسنة والاطلاع على دواوينها المخطوطة والمطبوعة وألف فيها المؤلفات الكثيرة لم يبلغ هذه الغاية التي أشار إليها الدكتور الزهراني.
2ـ وصف الدكتور الزهراني موسوعته بأن موضوعها القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة وأن أصلها القرآن والسنة الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح وأنها لن تضم كلمة واحدة إلا موثقة ومحققة ومن مصادرها الصحيحة جميعا، ومن المعلوم أن الحديث الصحيح يُعرف بنص أحد الحفاظ على صحته أو اشتمال مؤلف خاص بالصحيح عليه كصحيحي البخاري ومسلم وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم على الصحيحين، قال السيوطي في ألفيته
أما بعد؛ فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة الرياض بتاريخ 18/9/1433هـ عن مؤتمر صحفي للدكتور ناصر بن مسفر الزهراني تحدث فيه عن مشروع له أطلق عليه اسم ((السلام عليك أيها النبي)) جعل هذه الجملة ـ التي هي دعاء ـ مضافة إلى عدة كلمات هي: مركز ومعرض وموسوعة ومدينة ومكتبة وجامعة،وهو يشتمل على موسوعة علمية ومحاكاة للآثار النبوية، جاء فيه أن المعرض يحتوي على 25 موسوعة لن تقل عن 500 مجلد، وأن الموسوعة ربانية نبوية تعد أكبر موسوعة في التاريخ في بابها، موضوعها القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة، وأنها قامت على استقصاء كامل شامل لكل ما له علاقة بالثناء على الله تعالى والحديث عن ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ونعمه على عباده جل وعلا، ثم الاستقصاء الكامل الشامل لكل تفصيلات حياة النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه وأخلاقه وسيرته وشريعته، وأن المشروع بعد تدشينه في الأيام القليلة القادمة ستفتح أبوابه 24 ساعة للزوار وأنه يستوعب 500 زائر في الساعة.
وجاء فيه: ((وتُعد مكتبة ((السلام عليك أيها النبي)) العالمية مكتبة نوعية يتم فيها جمع واستيعاب كل ما كُتب عن النبي من كتب ومؤلفات ومصادر ومراجع ومطبوعات باللغة العربية وغيرها من اللغات الأجنبية، إضافة إلى الأعمال الصوتية والمرئية وغيرها))، وأن هذه المكتبة المتخصصة والنوعية سوف تكون أشمل وأكبر مكتبة في العالم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وجاء فيه أن الموسوعة أصلها القرآن والسنة الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح، ولن تضم الموسوعة كلمة واحدة إلا موثقة ومحققة ومن مصادرها الصحيحة جميعا، وليس هناك كلمة ولا فعل ولا إشارة ولا إيماءة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا وستضمها الموسوعة بشكل استقصائي شامل وجامع.
وجاء فيه أن المعرض والمشروع يحتوي على 1500 قطعة تحكي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ورد في الكتاب والسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبطرق حديثة.
وجاء فيه أن مدينة ((السلام عليك أيها النبي)) التي ستنشأ بين مدينة مكة المكرمة ومدينة جدة خُصص لها أكثر من مليون متر مربع، وأنها ستشتمل على مناشط مختلفة منها جامعة ((السلام عليك أيها النبي)) وصالات عرض مزودة بأحدث وسائل التقنية وأكبر معرض رباني نبوي مجهز بأحدث وسائل التقنية وأكبر متحف نبوي مجهز بأحدث وسائل التقنية ومجسمات للمسجد الحرام وما يحيط به ومجسمات للمدينة النبوية والمسجد النبوي والحجرات النبوية ومجسمات للمشاعر المقدسة: منى، عرفة، مزدلفة، ومجسم لطريق الهجرة النبوية، ومتخصصة عن كل ما كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم وفنادق مصممة بنظام العمارة الإسلامي ومطاعم متنوعة تهتم بأنواع المأكولات والمشروبات التراثية وخصوصا المعروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأسواق مصممة على نظام العمارة الإسلامية.
وجاء فيه أنه تم التعاون مع كبار الأثريين العرب حيث هناك محاكاة لحلي نساء الرسول والجبة والصاع والمد وغيرها كذلك أنواع الأثاث والسلاح الواردة في القرآن الكريم وأنواع الحلي والزينة الواردة في القرآن الكريم وأنواع المكاييل والعملات في القرآن الكريم وأنواع الطعام والشراب في القرآن الكريم مؤكدا أنه سيتم خلال أقل من سنتين تعميم المشروع على العالم كله مشيرا إلى أن المشروع سيغير الصورة الذهنية لدى الكثيرين وسيكون بإذن الله سببا في دخول الكثير في الدين الإسلامي لافتا إلى أن المعرض مبتكر ومتميز يبرز عظمة الإسلام وجلال القرآن وعظمة النبي صلى الله عليه وسلم وكريم أخلاقه وآدابه وشمائله مقره الرئيس مكة المكرمة، وسيكون له فروع في المدينة المنورة والرياض وجدة، وكذلك سوف يكون هناك المعرض الدولي المتنقل في العواصم العالمية بعدة لغات إضافة إلى مقرات دائمة لـ(مركز السلام عليك أيها النبي) في كبرى عواصم العالم.
وجاء فيه أنه قام بزيارة المشروع عدد من أصحاب السمو الأمراء وأصحاب السماحة العلماء وعدد كبير من المفتين في العالم الإسلامي وقد أبدوا تأييدهم وإعجابهم، مؤكدا أنه هو من يموِّل المشروع وحده.
وجاء في الصحيفة صورة للدكتور الزهراني ومعه ستة رجال وثلاث نسوة على طاولة! وقد يكون هؤلاء هم المشاركين في المؤتمر الصحفي.
هذا غالب ما اشتمل عليه الحديث الصحفي للدكتور ناصر الزهراني وأعلق بهذه التنبيهات:
الأول: هذه التسمية لهذا المشروع وهو ((السلام عليك أيها النبي)) بهذا الاسم المضاف إلى (مركز وموسوعة وجامعة ومكتبة ومدينة ومعرض) تسمية غريبة عجيبة؛ لأن جملة ((السلام عليك أيها النبي)) إنشائية وهي دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم وليست خبرية وهذه التسمية ليست مستقيمة؛ لأنه روعي فيها اللفظ فهي كلفظ الجلالة في جملة (الله اسم عربي) ولم يراع فيها المعنى كلفظ الجلالة في جملة (الله رب العالمين)، وأيضا المشروع شامل للكتاب والسنة فلا وجه لتخصيص تسميته بهذه الجملة الإنشائية، ويزداد الأمر غرابة أن يكتب بالأحرف الكبيرة على مدخل المبنى الخاص بالمشروع جملة: ((السلام عليك أيها النبي)) وهي خطاب ودعاء، وأيضا فإن هذا الدعاء جاء في التشهد في الصلاة من حديث ابن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم في الصحيحين وغيرهما بكاف الخطاب، ولفظه ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته))، وجاء في رواية للبخاري (6265) بزيادة ((وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام ـ يعني ـ على النبي))، والمعنى أن الصحابة كانوا يقولون: ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)) بكاف الخطاب، فلما توفي صاروا يقولون: ((السلام على النبي)) بالغَيبة؛ لكن جاء في تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في موطأ الإمام مالك (53) بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: قولوا: (التحيات لله)، وفيه (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) بكاف الخطاب، وهذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم جاء عنهم هذا وهذا، والأمر في ذلك واسع، فللمصلي أن يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وله أن يقول: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، ولم يكن الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم متفقين على اللفظ الذي ورد في تسمية الدكتور الزهراني لمشروعه وهو لفظ ((السلام عليك أيها النبي)).
الثاني: جاء في الحديث الصحفي ((أن الموسوعة ربانية نبوية تعد أكبر موسوعة في التاريخ في بابها، موضوعها القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة))، وجاء فيه أن الموسوعة أصلها القرآن والسنة الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح، ولن تضم الموسوعة كلمة واحدة إلا موثقة ومحققة ومن مصادرها الصحيحة جميعا، وليس هناك كلمة ولا فعل ولا إشارة ولا إيماءة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا وستضمها الموسوعة بشكل استقصائي شامل وجامع.
وأشير حول هذا الكلام بما يلي:
1ـ هذه الدعوى العريضة الواسعة من الدكتور ناصر الزهراني وفقه الله لما يرضيه لموسوعته أنها تُعد أكبر موسوعة في التاريخ في بابها، وأنها لن تترك كلمة ولا فعلا ولا إشارة ولا إيماءة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا وستضمها بشكل استقصائي شامل وجامع، هذه الدعوى أشبه ما تكون بالخيال الذي لا يكون للواقع حظ فيه باعتبار شرط الصحة في الأحاديث، والشيخ ناصر الألباني رحمه الله الذي أفنى عمره في الاشتغال بالسنة والاطلاع على دواوينها المخطوطة والمطبوعة وألف فيها المؤلفات الكثيرة لم يبلغ هذه الغاية التي أشار إليها الدكتور الزهراني.
2ـ وصف الدكتور الزهراني موسوعته بأن موضوعها القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة وأن أصلها القرآن والسنة الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح وأنها لن تضم كلمة واحدة إلا موثقة ومحققة ومن مصادرها الصحيحة جميعا، ومن المعلوم أن الحديث الصحيح يُعرف بنص أحد الحفاظ على صحته أو اشتمال مؤلف خاص بالصحيح عليه كصحيحي البخاري ومسلم وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم على الصحيحين، قال السيوطي في ألفيته
وخُذْه حيث حافظ عليه نصّْ ==== ومِن مصنَّف بجمعه يُخَصّ
كابن خزيمة ويتلو مسلما ==== وأَوْلِهِ البُستيَّ ثم الحاكما
وكم به تساهلٌ حتى وَرَدْ ==== فيه مناكر وموضوعٌ يُرَدّْ
والكتب الثلاثة الأخيرة تشتمل على أحاديث ضعيفة بل ويشتمل ثالثها على الموضوع كما أشار إليه السيوطي، وكتب السنن الأربعة لأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ليست مما ألِّف في الحديث الصحيح بل فيها الصحيح والحسن والضعيف، وتساهل الشيخ صديق حسن خان فأطلق عليها الصحة حيث سمى كتابه عنها وعن الصحيحين ((الحطة في ذكر الصحاح الستة)).
ومعرفة الحديث الصحيح يتطلب الاطلاع على دواوين السنة المطبوع منها والمخطوط في مكتبات العالم ودراسة أسانيدها لتمييز الصحيح منها والضعيف والوقوف على ما قاله أهل العلم فيها صحة وضعفا، وما كان منها مفقودا كتفسير ابن مردويه وكتاب السنة للطبراني مثلا، يُبحث في الكتب التي نَقلت عنها بأسانيدها، كتفسير ابن كثير الذي أورد أحاديث كثيرة من تفسير ابن مردويه بأسانيده، وكشرح (إحياء علوم الدين) للزبيدي الذي أورد فيه بعض الأحاديث من كتاب السنة للطبراني بأسانيده، وقد يشتبه الحديث الصحيح بالضعيف فيصححه عالم ويضعفه آخر لوجود راو في إسناده حسن الحديث يشتبه براو آخر ضعيف الحديث، كحديث ((اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك))؛ فإن في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق يحتمل أن يكون عبد الرحمن بن إسحاق القرشي وهو حسن الحديث، وعبد الرحمن بن إسحاق الأنصاري الواسطي وهو ضعيف الحديث، والأول هو المراد في الإسناد، انظر (السلسلة الصحيحة للألباني 266)، وفي تهذيب التهذيب لابن حجر في ترجمة ياسين العجلي: ((ووقع في سنن ابن ماجه عن ياسين غير منسوب فظنه بعض الحفاظ المتأخرين: ياسين بن معاذ الزيات فضعف الحديث به فلم يصنع شيئا))، وهو حديث في المهدي.
وبهذا يتضح أن معرفة الحديث الصحيح والتمييز بينه وبين الحديث الضعيف ليس بالأمر السهل بل هو في غاية الصعوبة، والله المستعان، ولو وُجد شيء من هذا العمل الموسوعي في الحديث الصحيح فمن ذا الذي يطمئن إليه والمسؤول عنه والمشرف عليه ليس معروفاً بأنه من أهل هذا الشأن.
الثالث: ما اشتمل عليه الحديث الصحفي من ذكر آثار ومجسمات تحاكي وتشابه ما للنبي صلى الله عليه وسلم من لباس وأثاث وآنية وما كان لنسائه من حلي وغير ذلك هو من البدع المحدثة ومدعاة لتعلق الجهال وأشباه الجهال بها، وقد يؤول الأمر إلى توهم أنها من الأشياء الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم مع أنها من البدع فيتبركون بها كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتبركون بكل ما لامس جسده الشريف صلى الله عليه وسلم الذي تواترت به الأحاديث من فعلهم رضي الله عنهم وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم مما لا وجود له أصلاً في هذا الزمان، وقد يؤدي مشاهدة ذلك والافتتان به إلى الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ودعائه والاستغاثة به وسؤاله قضاء الحاجات وكشف الكربات وغير ذلك مما هو شرك أكبر مخرج من الملة، وجاء في الحديث الصحفي أن مدينة ((السلام عليك أيها النبي)) ستشتمل على مجسمات عديدة لبعض الآثار في مكة والمدينة ومنها مجسم لطريق الهجرة النبوية، وقد حصل من بعض الكتاب قبل ثلاثين سنة الدعوة إلى إحياء بعض الآثار ومنها ما كان في طريق الهجرة، وقد رد عليهم سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله كما في مجموع فتاويه (3/334) تحت عنوان (حكم الإسلام في إحياء الآثار) قال: ((فقد نشرت بعض الصحف مقالات حول إحياء الآثار والاهتمام بها لبعض الكتاب ومنهم الأستاذ صالح محمد جمال، وقد رد عليه سماحة العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد فأجاد وأفاد وأحسن أجزل الله مثوبته، ولكن الأستاذ أنور أبا الجدايل هداه الله وألهمه رشده لم يقتنع بهذا الرد أو لم يطلع عليه فكتب مقالا في الموضوع نشرته جريدة المدينة بعددها الصادر برقم 5448 وتاريخ 22\4\1402هـ بعنوان: (طريق الهجرتين) قال فيه: والكلمة المنشورة بجريدة المدينة بالعدد 5433 وتاريخ 7\4\1402هـ للأستاذ البحاثة عبد القدوس الأنصاري عطفا على ما قام به الأديب الباحث الأستاذ عبد العزيز الرفاعي من تحقيق للمواقع التي نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الذي سلكه في هجرته من مكة إلى المدينة المنورة، تدفعنا إلى استنهاض همة المسئولين إلى وضع شواخص تدل عليها كمثل خيمتين أدنى ما تكونان إلى خيمتي أم معبد مع ما يلائم بقية المواقع من ذلك بعد اتخاذ الحيطة اللازمة لمنع أي تجاوز يعطيها صفة التقديس أو التبرك أو الانحراف عن مقتضيات الشرع؛ لأن المقصود هو إيقاف الطلبة والدارسين ومن يشاء من السائحين على ما يريدونه من التعرف على هذا الطريق ومواقعه هذه لمعرفة ما عاناه الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلته السرية المتكتمة هذه من متاعب وذلك لمجرد أخذ العبرة وحمل النفوس على تحمل مشاق الدعوة إلى الله ؛ تأسيا بما تحمله في ذلك عليه الصلاة والسلام، على أن تعمل لها طرق فرعية معبدة تخرج من الطريق العام وتقام بها نزل واستراحات للسائحين ... ونظرا لما يؤدي إليه إحياء الآثار المتعلقة بالدين من مخاطر تمس العقيدة أحببت إيضاح الحق وتأييد ما كتبه أهل العلم في ذلك والتعاون معهم على البر والتقوى والنصح لله ولعباده وكشف الشبهة وإيضاح الحجة فأقول: إن العناية بالآثار على الوجه الذي ذكر يؤدي إلى الشرك بالله جل وعلا; لأن النفوس ضعيفة ومجبولة على التعلق بما تظن أنه يفيدها، والشرك بالله أنواعه كثيرة غالب الناس لا يدركها، والذي يقف عند هذه الآثار سواء كانت حقيقة أو مزعومة بلا حجة يتضح له كيف يتمسح الجهلة بترابها، وما فيها من أشجار أو أحجار، ويصلي عندها ويدعو من نسبت إليه ظنا منهم أن ذلك قربة إلى الله سبحانه ولحصول الشفاعة وكشف الكربة ويعين على هذا كثرة دعاة الضلال الذين تربت الوثنية في نفوسهم والذين يستغلون مثل هذه الآثار لتضليل الناس وتزيين زيارتها لهم حتى يحصل بسبب ذلك على بعض الكسب المادي, وليس هناك غالبا من يخبر زوارها بأن المقصود العبرة فقط بل الغالب العكس ويشاهد العاقل ذلك واضحا في بعض البلاد التي بليت بالتعلق بالأضرحة وأصبحوا يعبدونها من دون الله، ويطوفون بها كما يطاف بالكعبة باسم أن أهلها أولياء فكيف إذا قيل لهم إن هذه آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ...))، إلى أن قال: ((ومهما عمل أهل الحق من احتياط أو تحفظ فلن يحول ذلك بين الجهال وبين المفاسد المترتبة على تعظيم الآثار; لأن الناس يختلفون من حيث الفهم والتأثر والبحث عن الحق اختلافا كثيرا ولذلك عبد قوم نوح عليه السلام ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا مع أن الأصل في تصويرهم هو التذكير بأعمالهم الصالحة للتأسي والاقتداء بهم لا للغلو فيهم وعبادتهم من دون الله ولكن الشيطان أنسى من جاء بعد من صورهم هذا المقصد وزين لهم عبادتهم من دون الله وكان ذلك هو سبب الشرك في بني آدم روى ذلك البخاري رحمه الله في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم؛ ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلمُ عبدت ...)) إلى أن قال: ((والحاصل أن المفاسد التي ستنشأ عن الاعتناء بالآثار وإحيائها محققة ولا يحصى كميتها وأنواعها وغاياتها إلا الله سبحانه، فوجب منع إحيائها وسد الذرائع إلى ذلك ومعلوم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أعلم الناس بدين الله وأحب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكملهم نصحا لله ولعباده ولم يحيوا هذه الآثار ولم يعظموها ولم يدعوا إلى إحيائها....))، إلى أن قال: ((فالواجب على علماء المسلمين وعلى ولاة أمرهم أن يسلكوا مسلك نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في هذا الباب وغيره، وأن ينهوا عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يسدوا الذرائع والوسائل المفضية إلى الشرك والمعاصي والغلو في الأنبياء والأولياء حماية لجناب التوحيد وسدا لطرق الشرك ووسائله)).
الرابع: أما ما اشتمل عليه الحديث الصحفي من ذكر ثناء علماء ومفتين على المشروع وإعجابهم به، وفي بعض الصحف والمواقع تسمية عدد منهم؛ فإن ثناء من كان منهم من المشايخ المعتبَرين إن صح ذلك عنهم راجع ـ إحساناً للظن بهم ـ إلى ما يتعلق بالموسوعة التي يغلب على الظن عدم وفائها بما اشتُرط فيها من صحة الأحاديث لا إلى الآثار والمجسمات المبتدعة، وأما غيرهم من فئة التوسع الواسع في حديث: ((افعل ولا حرج)) فلا يُستغرب منهم الثناء على كل ما تضمنه المشروع وغيره من الأعمال الأخرى غير اللائقة المتعلقة بالعقيدة والأخلاق، لاسيما من كانوا منهم ألَّفوا منهم ومن غيرهم من الفرق المختلفة ما سمّوه ((الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)) واتخذوا من أوربا مقرا له ليقدِّموا الإسلام للغربيين على وجه يعجبهم، وقد أخبر الله عن اليهود والنصارى أنه لا يرضيهم إلا اتباع ملتهم، قال الله عز وجل: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)، وتشكيلة هذا الاتحاد أشبه ما تكون بالثوب المؤلف من رُقَع حمراء وصفراء وزرقاء وسوداء، أصلح الله حال الجميع وهداهم إلى الصراط المستقيم.
الخامس: إن من اللائق والمناسب لمن أراد وضع موسوعة في الأحاديث الصحيحة ـ وهو أهل لذلك ـ الاتجاه إلى وضع موسوعات جزئية خاصة بجوانب يمكن معها احتمال مقاربة الاستيعاب، كموسوعة في أحاديث الإيمان وموسوعة في أحاديث الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم وفي أحاديث الطهارة وأحاديث الصلاة وهكذا.
السادس: أما الصورة للدكتور الزهراني وستة رجال معهم ثلاث نسوة فذلك غير لائق، ويُخشى أن يكون هذا الاختلاط بالنساء بداية للاختلاط بين الرجال والنساء في زيارات المشروع.
السابع: الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني حفظه الله ووفقه لما فيه رضاه المناسب له أن يستغل ما أعطاه الله من فصاحة وبلاغة وتمكن في نظم الشعر وإجادة فيه في خدمة الإسلام والدعوة إليه وإظهار محاسنه، وأن يتخذ من الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله قدوة في ذلك، فقد ألّف المؤلفات الكثيرة شعرا ونثرا، ولا يخلو كثير من المكتبات الخاصة والعامة من شيء من مؤلفاته، وقد توفي رحمه الله سنة (1377هـ) وعمره خمس وثلاثون سنة، وهو شبيه بأبي بكر الحازمي رحمه الله المتوفى سنة (584 هـ) وله مؤلفات منها: ((الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار)) ذكره الحافظ الذهبي في كتابه (ذكر من يُعتمد قوله في الجرح والتعديل)، وقال عنه (ص219): ((أحد الأعلام مات شابا طريا عن خمس وثلاثين سنة))، والمؤمل من الدكتور الزهراني حفظه الله صرف النظر عما كان من مشروعه متعلق بالآثار والمجسمات التي تحاكي وتشابه الآثار الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم التي لا وجود لها منذ أزمان، وأن يصرف ما لديه من أموال لذلك منه ومن غيره في وجوه الخير المختلفة كإطعام الجائعين وإيواء المعدمين وإغاثة الملهوفين؛ لأن في استمراره في هذا الاتجاه فتح باب شر عليه وعلى المسلمين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))رواه مسلم (4493)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)) رواه مسلم (6804)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تُقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سنَّ القتل)) رواه البخاري (3335) ومسلم (4379)، وما أحسن وأجمل قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((تكون أمور مشتبهات، فعليكم بالتؤدة؛ فإن أحدكم أن يكون تابعاً في الخير خير من أن يكون رأساً في الشر)) رواه البيهقي في الشعب (7/297)، وإذا لم يحصل منه الامتناع عن ذلك فإن المنع منه من مسؤوليات ولاة الأمور والمأمول منهم وفقهم الله لكل خير تحقيق ذلك دفعاً للفتنة وإماتة للبدعة.
وأسأل الله عز وجل أن يثيب الدكتور الزهراني على ما أراده من خير وأن يصرفه عما ظن أنه خير وهو ليس بخير، وأن يوفق المسلمين جميعا لما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ومعرفة الحديث الصحيح يتطلب الاطلاع على دواوين السنة المطبوع منها والمخطوط في مكتبات العالم ودراسة أسانيدها لتمييز الصحيح منها والضعيف والوقوف على ما قاله أهل العلم فيها صحة وضعفا، وما كان منها مفقودا كتفسير ابن مردويه وكتاب السنة للطبراني مثلا، يُبحث في الكتب التي نَقلت عنها بأسانيدها، كتفسير ابن كثير الذي أورد أحاديث كثيرة من تفسير ابن مردويه بأسانيده، وكشرح (إحياء علوم الدين) للزبيدي الذي أورد فيه بعض الأحاديث من كتاب السنة للطبراني بأسانيده، وقد يشتبه الحديث الصحيح بالضعيف فيصححه عالم ويضعفه آخر لوجود راو في إسناده حسن الحديث يشتبه براو آخر ضعيف الحديث، كحديث ((اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك))؛ فإن في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق يحتمل أن يكون عبد الرحمن بن إسحاق القرشي وهو حسن الحديث، وعبد الرحمن بن إسحاق الأنصاري الواسطي وهو ضعيف الحديث، والأول هو المراد في الإسناد، انظر (السلسلة الصحيحة للألباني 266)، وفي تهذيب التهذيب لابن حجر في ترجمة ياسين العجلي: ((ووقع في سنن ابن ماجه عن ياسين غير منسوب فظنه بعض الحفاظ المتأخرين: ياسين بن معاذ الزيات فضعف الحديث به فلم يصنع شيئا))، وهو حديث في المهدي.
وبهذا يتضح أن معرفة الحديث الصحيح والتمييز بينه وبين الحديث الضعيف ليس بالأمر السهل بل هو في غاية الصعوبة، والله المستعان، ولو وُجد شيء من هذا العمل الموسوعي في الحديث الصحيح فمن ذا الذي يطمئن إليه والمسؤول عنه والمشرف عليه ليس معروفاً بأنه من أهل هذا الشأن.
الثالث: ما اشتمل عليه الحديث الصحفي من ذكر آثار ومجسمات تحاكي وتشابه ما للنبي صلى الله عليه وسلم من لباس وأثاث وآنية وما كان لنسائه من حلي وغير ذلك هو من البدع المحدثة ومدعاة لتعلق الجهال وأشباه الجهال بها، وقد يؤول الأمر إلى توهم أنها من الأشياء الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم مع أنها من البدع فيتبركون بها كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتبركون بكل ما لامس جسده الشريف صلى الله عليه وسلم الذي تواترت به الأحاديث من فعلهم رضي الله عنهم وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم مما لا وجود له أصلاً في هذا الزمان، وقد يؤدي مشاهدة ذلك والافتتان به إلى الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ودعائه والاستغاثة به وسؤاله قضاء الحاجات وكشف الكربات وغير ذلك مما هو شرك أكبر مخرج من الملة، وجاء في الحديث الصحفي أن مدينة ((السلام عليك أيها النبي)) ستشتمل على مجسمات عديدة لبعض الآثار في مكة والمدينة ومنها مجسم لطريق الهجرة النبوية، وقد حصل من بعض الكتاب قبل ثلاثين سنة الدعوة إلى إحياء بعض الآثار ومنها ما كان في طريق الهجرة، وقد رد عليهم سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله كما في مجموع فتاويه (3/334) تحت عنوان (حكم الإسلام في إحياء الآثار) قال: ((فقد نشرت بعض الصحف مقالات حول إحياء الآثار والاهتمام بها لبعض الكتاب ومنهم الأستاذ صالح محمد جمال، وقد رد عليه سماحة العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد فأجاد وأفاد وأحسن أجزل الله مثوبته، ولكن الأستاذ أنور أبا الجدايل هداه الله وألهمه رشده لم يقتنع بهذا الرد أو لم يطلع عليه فكتب مقالا في الموضوع نشرته جريدة المدينة بعددها الصادر برقم 5448 وتاريخ 22\4\1402هـ بعنوان: (طريق الهجرتين) قال فيه: والكلمة المنشورة بجريدة المدينة بالعدد 5433 وتاريخ 7\4\1402هـ للأستاذ البحاثة عبد القدوس الأنصاري عطفا على ما قام به الأديب الباحث الأستاذ عبد العزيز الرفاعي من تحقيق للمواقع التي نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الذي سلكه في هجرته من مكة إلى المدينة المنورة، تدفعنا إلى استنهاض همة المسئولين إلى وضع شواخص تدل عليها كمثل خيمتين أدنى ما تكونان إلى خيمتي أم معبد مع ما يلائم بقية المواقع من ذلك بعد اتخاذ الحيطة اللازمة لمنع أي تجاوز يعطيها صفة التقديس أو التبرك أو الانحراف عن مقتضيات الشرع؛ لأن المقصود هو إيقاف الطلبة والدارسين ومن يشاء من السائحين على ما يريدونه من التعرف على هذا الطريق ومواقعه هذه لمعرفة ما عاناه الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلته السرية المتكتمة هذه من متاعب وذلك لمجرد أخذ العبرة وحمل النفوس على تحمل مشاق الدعوة إلى الله ؛ تأسيا بما تحمله في ذلك عليه الصلاة والسلام، على أن تعمل لها طرق فرعية معبدة تخرج من الطريق العام وتقام بها نزل واستراحات للسائحين ... ونظرا لما يؤدي إليه إحياء الآثار المتعلقة بالدين من مخاطر تمس العقيدة أحببت إيضاح الحق وتأييد ما كتبه أهل العلم في ذلك والتعاون معهم على البر والتقوى والنصح لله ولعباده وكشف الشبهة وإيضاح الحجة فأقول: إن العناية بالآثار على الوجه الذي ذكر يؤدي إلى الشرك بالله جل وعلا; لأن النفوس ضعيفة ومجبولة على التعلق بما تظن أنه يفيدها، والشرك بالله أنواعه كثيرة غالب الناس لا يدركها، والذي يقف عند هذه الآثار سواء كانت حقيقة أو مزعومة بلا حجة يتضح له كيف يتمسح الجهلة بترابها، وما فيها من أشجار أو أحجار، ويصلي عندها ويدعو من نسبت إليه ظنا منهم أن ذلك قربة إلى الله سبحانه ولحصول الشفاعة وكشف الكربة ويعين على هذا كثرة دعاة الضلال الذين تربت الوثنية في نفوسهم والذين يستغلون مثل هذه الآثار لتضليل الناس وتزيين زيارتها لهم حتى يحصل بسبب ذلك على بعض الكسب المادي, وليس هناك غالبا من يخبر زوارها بأن المقصود العبرة فقط بل الغالب العكس ويشاهد العاقل ذلك واضحا في بعض البلاد التي بليت بالتعلق بالأضرحة وأصبحوا يعبدونها من دون الله، ويطوفون بها كما يطاف بالكعبة باسم أن أهلها أولياء فكيف إذا قيل لهم إن هذه آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ...))، إلى أن قال: ((ومهما عمل أهل الحق من احتياط أو تحفظ فلن يحول ذلك بين الجهال وبين المفاسد المترتبة على تعظيم الآثار; لأن الناس يختلفون من حيث الفهم والتأثر والبحث عن الحق اختلافا كثيرا ولذلك عبد قوم نوح عليه السلام ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا مع أن الأصل في تصويرهم هو التذكير بأعمالهم الصالحة للتأسي والاقتداء بهم لا للغلو فيهم وعبادتهم من دون الله ولكن الشيطان أنسى من جاء بعد من صورهم هذا المقصد وزين لهم عبادتهم من دون الله وكان ذلك هو سبب الشرك في بني آدم روى ذلك البخاري رحمه الله في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم؛ ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلمُ عبدت ...)) إلى أن قال: ((والحاصل أن المفاسد التي ستنشأ عن الاعتناء بالآثار وإحيائها محققة ولا يحصى كميتها وأنواعها وغاياتها إلا الله سبحانه، فوجب منع إحيائها وسد الذرائع إلى ذلك ومعلوم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أعلم الناس بدين الله وأحب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكملهم نصحا لله ولعباده ولم يحيوا هذه الآثار ولم يعظموها ولم يدعوا إلى إحيائها....))، إلى أن قال: ((فالواجب على علماء المسلمين وعلى ولاة أمرهم أن يسلكوا مسلك نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في هذا الباب وغيره، وأن ينهوا عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يسدوا الذرائع والوسائل المفضية إلى الشرك والمعاصي والغلو في الأنبياء والأولياء حماية لجناب التوحيد وسدا لطرق الشرك ووسائله)).
الرابع: أما ما اشتمل عليه الحديث الصحفي من ذكر ثناء علماء ومفتين على المشروع وإعجابهم به، وفي بعض الصحف والمواقع تسمية عدد منهم؛ فإن ثناء من كان منهم من المشايخ المعتبَرين إن صح ذلك عنهم راجع ـ إحساناً للظن بهم ـ إلى ما يتعلق بالموسوعة التي يغلب على الظن عدم وفائها بما اشتُرط فيها من صحة الأحاديث لا إلى الآثار والمجسمات المبتدعة، وأما غيرهم من فئة التوسع الواسع في حديث: ((افعل ولا حرج)) فلا يُستغرب منهم الثناء على كل ما تضمنه المشروع وغيره من الأعمال الأخرى غير اللائقة المتعلقة بالعقيدة والأخلاق، لاسيما من كانوا منهم ألَّفوا منهم ومن غيرهم من الفرق المختلفة ما سمّوه ((الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)) واتخذوا من أوربا مقرا له ليقدِّموا الإسلام للغربيين على وجه يعجبهم، وقد أخبر الله عن اليهود والنصارى أنه لا يرضيهم إلا اتباع ملتهم، قال الله عز وجل: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)، وتشكيلة هذا الاتحاد أشبه ما تكون بالثوب المؤلف من رُقَع حمراء وصفراء وزرقاء وسوداء، أصلح الله حال الجميع وهداهم إلى الصراط المستقيم.
الخامس: إن من اللائق والمناسب لمن أراد وضع موسوعة في الأحاديث الصحيحة ـ وهو أهل لذلك ـ الاتجاه إلى وضع موسوعات جزئية خاصة بجوانب يمكن معها احتمال مقاربة الاستيعاب، كموسوعة في أحاديث الإيمان وموسوعة في أحاديث الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم وفي أحاديث الطهارة وأحاديث الصلاة وهكذا.
السادس: أما الصورة للدكتور الزهراني وستة رجال معهم ثلاث نسوة فذلك غير لائق، ويُخشى أن يكون هذا الاختلاط بالنساء بداية للاختلاط بين الرجال والنساء في زيارات المشروع.
السابع: الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني حفظه الله ووفقه لما فيه رضاه المناسب له أن يستغل ما أعطاه الله من فصاحة وبلاغة وتمكن في نظم الشعر وإجادة فيه في خدمة الإسلام والدعوة إليه وإظهار محاسنه، وأن يتخذ من الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله قدوة في ذلك، فقد ألّف المؤلفات الكثيرة شعرا ونثرا، ولا يخلو كثير من المكتبات الخاصة والعامة من شيء من مؤلفاته، وقد توفي رحمه الله سنة (1377هـ) وعمره خمس وثلاثون سنة، وهو شبيه بأبي بكر الحازمي رحمه الله المتوفى سنة (584 هـ) وله مؤلفات منها: ((الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار)) ذكره الحافظ الذهبي في كتابه (ذكر من يُعتمد قوله في الجرح والتعديل)، وقال عنه (ص219): ((أحد الأعلام مات شابا طريا عن خمس وثلاثين سنة))، والمؤمل من الدكتور الزهراني حفظه الله صرف النظر عما كان من مشروعه متعلق بالآثار والمجسمات التي تحاكي وتشابه الآثار الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم التي لا وجود لها منذ أزمان، وأن يصرف ما لديه من أموال لذلك منه ومن غيره في وجوه الخير المختلفة كإطعام الجائعين وإيواء المعدمين وإغاثة الملهوفين؛ لأن في استمراره في هذا الاتجاه فتح باب شر عليه وعلى المسلمين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))رواه مسلم (4493)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)) رواه مسلم (6804)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تُقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سنَّ القتل)) رواه البخاري (3335) ومسلم (4379)، وما أحسن وأجمل قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((تكون أمور مشتبهات، فعليكم بالتؤدة؛ فإن أحدكم أن يكون تابعاً في الخير خير من أن يكون رأساً في الشر)) رواه البيهقي في الشعب (7/297)، وإذا لم يحصل منه الامتناع عن ذلك فإن المنع منه من مسؤوليات ولاة الأمور والمأمول منهم وفقهم الله لكل خير تحقيق ذلك دفعاً للفتنة وإماتة للبدعة.
وأسأل الله عز وجل أن يثيب الدكتور الزهراني على ما أراده من خير وأن يصرفه عما ظن أنه خير وهو ليس بخير، وأن يوفق المسلمين جميعا لما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عبد المحسن بن حمد العباد البدر
21/10/1433هـ
(4)
العلاّمة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان -حفظه الله-
رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا وعضو هيئة كبار العلماء
العلاّمة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان -حفظه الله-
رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا وعضو هيئة كبار العلماء
هذه الدعوة ، دعوة خبيثة سيئة أقل أحوالها أنها دعوة للشرك
السؤال: هناك مشروع الآن تحت مسمى (السلام عليك أيها النبي)، ويحوي متحفاً مكوناً من أواني وملابس ونحوها، محاكة لما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فهل مثل هذا العمل فيه إحياء للسنة أو هو مما يفتح باب التبرك المحرم؟
الجواب: هذه ما يتعلق باللّهث وراء إحياء الآثار، إحياء الآثار الصحيحة الثابتة بيقين، إحياء لا اعتبار له داخل في عموم قول المصطفى:(من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، وفي لفظ: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، ثم هذه الآثار جاءني على شكل مجلة قبل أسبوعين مما يدعي أنه صاحب هذه الفكرة ورأيت بعضه وشرحها إلى أخره، أين السند الصحيح مثلا عن الثقات العدول أن هذه الرحى أنها التي كانت عند محمد صلى الله عليه وسلم، ثم لنفرض أنه صح يغفل الخلفاء الراشدون والصحابة ومن جاء بعدهم والقرون، القرون الأئمة الأربعة وتلمذتهم يغفلون عن هذا المشروع العظيم ويأتي طفيل في القرن الخامس عشر الهجري عندما فشلت الذمم ورفعت عقائد البدع، وهجر الكتاب والسنة في كثير من الأرض، وعزل القرآن والسنة عن الأحكام في كثير من البقاء، يأتي هذا ويدعي الدعوة، هذه الدعوة خبيثة سيئة هذه أقل أحوالها أنها دعوة للشرك، هذا أمر منكر، أرجو الله جل وعلا أن يسبب القضاء عليها عاجل غير آجل، يغفل الناس كلهم عن هذه الأمور وتبقى هذه الأشياء ما شاء الله عامره حية ما تلفت بعد ألف وأربعمائة، وأكثر من اثنين وعشرين سنة يعني بعد وفاة النبي، وتبقى سالمة ما شاء الله حتى توجد الآن، ومن أين جاءت هذه، ومن الذي احتفظ بها والله المستعان.
المصدر: هنا
(5)
العلاّمة المحدّث الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي -حفظه الله-
رئيس قسم السُّنة بالجامعية الإسلامية سابقا
العلاّمة المحدّث الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي -حفظه الله-
رئيس قسم السُّنة بالجامعية الإسلامية سابقا
محاربة العدو بمثل هذه الأساليب لا تزيد المسلمين إلا إغراقاً في الغثائية
الشيخ ربيع المدخلي: إيش هذا المشروع؟
الشيخ أحمد بازمول: يعني هذا مكان خُصص جُعل فيه أشياء تُذكر بالنبي صلى الله عليه وسلم، بثيابه، بآنيته، مثلاً عصاه ونحو ذلك، أن هذه الأمور كانت في عهد النبوة، ويأتيها ويزورها الناس، ويزورها بعض الدكاترة وبعض جماعات الإخوان والصوفية.
الشيخ ربيع المدخلي: يعني بمناسبة هذا الفيلم الخبيث الذي يُشوَّه فيه النبي عليه الصلاة والسلام ، ما هي ردود الفعل من المسلمين!؟ ردود الفعل: صياح! -بارك الله فيك- ، مظاهرات! وما شاكل ذلك . ما الذي جرأ أعداء الله على الطعن في الإسلام والطعن في رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ الذي جرأهم: ضلال المسلمين وانحرافهم وبُعدهم عن منهج الله تبارك وتعالى، (سوف تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأيكلة على قصعتها، قالوا: أو مِن قِلةٍ يومئذ نحن يا رسول الله؟ قال: لا!، أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاءٌ كغُثاء السيل، ولَيَنزعَ الله في المهابة من قلوب عدوكم) ، فنحن الآن غثاء كغثاء السيل، وقد نزع الله المهابة من قلوب أعداء الله بسبب هذه الغثائية، ولو كنا على دين الله الحق -على ما كان عليه رسول الله وأصحابه- لهابونا.
كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يهابونه مسافة شهر (نُصِرتُ بالرهب مسافة شهر) ، مسافة شهر وهم ترتعد فرائصهم، الرعب يآكل قلوبهم، خوفًا من بطش المسلمين بهم، وإداخلهم في الإسلام ، الآن ما يخافون، لا يخافون لأننا غثاء كغثاء السيل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كغثاء السيل).
الآن هذا الذي يريد أن ينتصر للرسول، يقول لك: جابوا الأثاث! نصبوا خيمة وجابوا فيها أثاث الرسول عليه الصلاة والسلام!! فين عقيدته؟! فين منهجه!؟ فين توحيده!؟ ، كان هذه الفرصة يدعو الناس إلى التوحيد، إلى الرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يهابنا العدو -بارك الله فيك-.
أما ونحن في هذه الغثائية، ونحارب العدو بمثل هذه الأساليب فلا نزداد إلا غثائية ، لا يزيد المسلمين إلا إغراقاً في الغثائية. شوف ما يدعو إلى التوحيد ولا إلى السنة في هذا الاجتماع ، أثاث الرسول عليه الصلاة والسلام! لما يأتون بأثاث الرسول عليه الصلاة والسلام قد يكون الجاهل يحتقر الرسول بسبب هذا (إيش هذا الأثاث!!) لأنه لا يرضى لنفسه أن يكون له مثل هذا الأثاث فيحتقر الرسول عليه الصلاة والسلام.
الطريق الصحيح أن نهتف بالأمة جميعًا أن يعودوا إلى كتاب الله وإلى سنة الرسول عليه الصلاة والسلام (إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقر سَلَّط الله عليكم ذُلاًّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)، هذا تسليط من الله علينا تأديباً لنا، لا يرفع عنّا هذا الذل أبدًا حتى نعود إلى ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه.
هذه الوسائل: وسائل سخيفة -بارك الله فيكم- المقاومات هذه كلها سخيفة، المقاومة للعدو وبثّ الرعب في نفسه بدل أن نرعب نحن هي: أن نتمسك بالإسلام ونعتز بالإسلام، نرفع راية التوحيد ونرفع راية السنة -بارك الله فيكم- هنا يهابنا العدو، هنا يهابنا العدو ويخافنا، ويطمع في الدخول في الإسلام يمكن. سبحانك اللهم وبحمدك، وأشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
[إذاعة ميراث الأنبياء: "التعليق على كتاب (معارج القبول شرح سلم الوصول)" يوم الجمعة 11/ذي القعدة/1433هـ للشيخ ربيع المدخلي]
(6)
العلاّمة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي -حفظه الله-
العلاّمة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي -حفظه الله-
الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
مشروع السلام عليك أيها النبي لا أرى أنها مشروعة
السؤال: أحسن الله إليكم : يقول أن هناك مشروع -الآن- يسمى السلام عليك أيها النبي ، ويحتوي على متحف مكون محاكات من أواني وملابس تحاكي ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فهل مثل هذا العمل فيه إحياء للسنة أوهو مما يفتح باب التبرك المحرم ؟
الجواب: أنا رأيت هذا، رأيت الموسوعة العلمية قبل أن تكون مجسم، رأيتها موسوعة في السيرة ورأيت أن لابأس بهذا .
لكن المجسمات ما رأيت المجسمات ولا أراها أنها مشروعة ، ولا حاجة للمجسمات ،تكفي موسوعة علمية في السيرة النبوية كافية "كتب، كتاب"، أما المجسمات هذه لها آثار سيئة ويتبرك بها الجهال يحصل بها هذا في المستقبل، وفيها صرف الأموال كثيرة وإضاعة الأوقات وتعلق كثير من الناس بهذه المجسمات وقد يحصل من التبرك، وهذا موجود من الحجاج من الوافدين يتبركون -كما موجود الآن- في مكة وفي المدينة بغار ثور وغار حراء وحتى الأتربة يتبركون بها أويلطخون بها أنفسهم وفي كذلك في جبل الرحمة ، فإذا وجدوا مثل هذا من المجسمات تعلقوا بها و تبركوا بها
فلا أرى أن هذه المجسمات، إنما يكفي أن يكون موسوعة علمية بدون المجسمات، لا حاجة إلى مجسمات ، يكتاب كتاب كما رأيت: رأيت موسوعة علمية قبل أن تكون مجسمات ، رأيت موسوعة علمية فوجت أنا لا بأس بها ، فيها أدلة التوحيد وفيها كذا وفيها يعني سيرة النبي صلى الله عليه وسلم عبارة عن موسوعة علمية ، أما المجسمات فلم أراها ولا أراها.
[محاضرة: "عقيدة أهل السنة والجماعة في الخلفاء الراشدين" ضمن ملتفى سيرة الخلفاء للشيخ عبد العزيز الرّاجحي]
(7)
العلاّمة الشيخ عبيد الله بن سليمان الجابريّ -حفظه الله-
المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
العلاّمة الشيخ عبيد الله بن سليمان الجابريّ -حفظه الله-
المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
السؤال: حفظكم الله عزّ وجلّ من كلّ سوء ومكروه ونصر الله بكُمُ السُّنّة ، يقول السّائل -حفظكم الله-: حبّذا لو سلّطتُّم الضّوء فضيلة الشّيخ على ردّ الشّيخ العلاّمة: صالح الفوزان على صاحب مشروع:"السّلام عليكَ يا رسول الله".
الجواب: صاحبُ هذا المشروع هُو ناصر بن مسفر الزّهراني، وحسبَ علمي أنّه كان مع القوم حتّى كانوا يقولون: (شاعر الصّحوة!) فهُو مع القوم مع القُطبيّة والسّروريّة إخوانيّ، فما دام إخوانيّا فالسّاحة عندهم عامّة كلّ شيء عندهم يمشي لأنّ جماعة الإخوان ينطلقون من قاعدة خبيثة مُجرمة فاسدة وهي قاعدة المعذرة والتّعاون ولهذا يُمكن أن يحتووا الرّافضة ويحتووا اليهود والنّصارى ويحتووا حتّى المجوس ما عندهم مانع "نتعاون فيما اتّفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه" هذه القاعدة تُتيح لهم ما يُريدون؛ أبدًا؛ كلّ شيء عندهم يمشي، ونحنُ نتكلّم عن القاعدة وعموم الجماعة لا الأفراد، هذا أوّلاً.
ثانيًا: أنا قرأت ردّ الشّيخ العلاّمة أخينا الكبير فضيلة الشّيخ: صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله وزاده توفيقًا وأمدّ في عُمُره؛ بارك له في علمه وعمله وعُمُره- فبانَ لي:
أوّلاً: الدّليل القاطع على فساد هذا العمل وأنّه مُحدَث، والشّيخ –رحمه الله- أتى في هذا الباب بما لا يستدعي منّي المزيد عليه، لكنّي أنصح كلّ مُسلم ومسلمة أن ينسخه من موقعه وتاريخه العشرين من رمضان هذه السّنة.
ثانيًا: فساد قول من أفتى به وأقرّه، فقولهم فاسدٌ وفتواهم فاسدةٌ ضالّةٌ مُضِلّةٌ، وأُحذِّر جميع المُسلمين والمُسلمات أن يَقبلوا فتوى من أفتى به؛ فإنّي أخشى عليهم من قوله –صلّى الله عليه وسلّم-:(لعن الله من آوى مُحدِثًا) ويُضبَط:(لعن الله من آوى مُحدَثًا) فالرّجل مُحدِث الذي هُو الزّهراني، والعمل مُحدَث، ومن أقرّه واستساغه وتمحّل في جوازه يُخشى عليه من هذا الحديث فُهو مُؤْوٍ للمُحدِث لأنّه يعضُد صاحبه، ومُؤْؤٍ للمُحدَث لأنّه يُقرُّ هذا المُحدَث، فإنّي أنصح بنشره كذلك، نعم.
وحبّذا لو أنّ مُؤلِّفًا ألّف في تحذير المُسلمين والمُسلمات ثمّ ضمّن تأليفه هذا الرّدّ الجميل الذي وجدتُّ فيه حقيقةً ما يُروي الغليل ويشفي العليل ويُحبُّه كلّ صاحب سُنّة من المُسلمين والمُسلمات ، أمّا أصحاب الهوى والجهلة فهُم غافلون، نعم.اهـ
وفرّغه: أبو عبد الرحمن أسامة
20 / ذو القعدة / 1433هـ
[ إذاعة ميراث الأنبياء: الدّرس (34) من شرح "عمدة الفقه" للشيخ عبيد الجابريّ ]
لسماع المقطع الصوتي
المصدر: مستفاد من هنا
[ إذاعة ميراث الأنبياء: الدّرس (34) من شرح "عمدة الفقه" للشيخ عبيد الجابريّ ]
لسماع المقطع الصوتي
المصدر: مستفاد من هنا