الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله
وأصحابه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدّين أمّا بعد:
فإنّي قد كتبتُ منذ فترة موضوعا بعنوان ((التعصّب المذهبي والخيانة العلمية)) وقد ذكرتُ هذا الدكتور وكيف قام بالتلاعب بكلام الإمام ابن قتيبة رحمه الله تعالى في تحقيقه لكتاب (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح)، وقد رأيتُ اليوم أن أفرد الكلام عنه في هذا الموضوع لخطورة ما جناه على ابن قتيبة وعلى العقيدة السلفية فأقول:
هذا الدكتور هداه الله حرّف كلاما هامّا للإمام ابن قتيبة رحمه الله تعالى في صفتي العلوّ والنّزول لله تعالى.
فقد حرّف هذا الدكتور كلام الإمام ابن قتيبة وصيّره –أي الإمام ابن قتيبة- مفوّضٌ وممّن يقولون بأنّ الله في كلّ مكان !!!
قال دكتور الزراعة (!) السيّد الجميلي هداه الله معلّقا على قول الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله ورضي عنه في معرض كلامه على عقيدته رحمه الله التي مات عليها عقيدة أهل السنّة والجماعة أهل الحديث والأثر كما ذكرها الإمام ابن القيّم في أوّل كتابه ((حادي الأرواح): ((ويُصدّقون [أي أهل الحديث] بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ((أنّ الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر)).
قال الدكتور الجميلي معلّقا:
((وقد ذكر الحديث الإمام ابن فورك في كتابه مشكل الحديث وبيانه بتحقيق موسى محمّد علي (ص 492-497).
وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا)) وذكر الحديث، وقال فيه: فيكون كذلك حتى يصبح الصبح ثمّ يعلو ربنا إلى كرسيّه)).
المرجع السابق ص494.
وقد ذكر ابن قتيبة في كتابه تأويل مختلف الحديث ص 270- ص 276 ط. دار الجيل لا نحتم على النّزول منه بشيء، ولكنّا نبيّن كيف النّزول منّا، وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ، والله أعلم بما أراد.
والنّزول هنا (كذا) قد يكون بمعنيين: أحدها الانتقال من (كذا) مكان إلى مكان، والمعنى الآخر إقبالك على الشيء بالإرادة والنيّة.
وكذلك قوله تعالى: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) وقد أجمع النّاس على أنّه بكلّ مكان ولا يشغله شأن عن شأن.
وكذلك في قوله تعالى: ((إنّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون)) لا يريد أنّه معهم بالحلول، وإنّما بالنّصرة والتّوفيق والحياطة.
وكذلك قوله: ((من تقرّب مني ذراعا تقرّبتُ منه باعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)) المرجع السابق ص274 بتصرّف.)) انتهى كلام هذا الدكتور وهو في ((حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص 41-42 حاشية، دار الكتاب العربي، الطبعة 10 سنة 1422هـ تحقيق ودراسة: د. السيّد الجميلي)).
وهذا العمل من هذا الدكتور من أشدّ ما يكون من أنواع التحريف والخيانة العلمية الناتجة عن التعصّب المذهبي !!
وإليك ما جاء في كتاب ((تأويل مختلف الحديث)) للإمام الأديب الفقيه المحدّث ابن قتيبة الدِينَوْري رحمه الله (ص 250-256 دار الكتب العلمية) ما نصّه:
((قالوا: حديث في التشبيه يكذبه القرآن والإجماع:
قالوا: رويتم أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فيقول: ((هل من داع فأستجيب له ؟ أو مستغفر فأغفر له)).
وينزل عشية عرفة إلى أهل عرفة، وينزل في ليلة النصف من شعبان.
وهذا خلاف لقوله تعالى: ((ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا)).
وقوله جل وعز: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)).
وقد أجمع الناس على أنه بكل مكان، ولا يشغله شأن عن شأن.
قال أبو محمد:
ونحن نقول في قوله: ((ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا)) إنه معهم بالعلم بما هم عليه كما تقول للرجل: وجهته إلى بلد شاسع ووكلته بأمر من أمورك احذر التقصير والإغفال لشيء مما تقدمت فيه إليك فإني معك تريد أنه لا يخفى علي تقصيرك أو جدك للإشراف عليك والبحث عن أمورك وإذا جاز هذا في المخلوق الذي لا يعلم الغيب فهو في الخالق الذي يعلم الغيب أجوز.
وكذلك هو بكل مكان يراد لا يخفى عليه شيء مما في الأماكن فهو فيها بالعلم بها والإحاطة.
وكيف يسوغ لأحد أن يقول إنه بكل مكان على الحلول مع قوله: ((الرحمن على العرش استوى)) أي: استقر.
كما قال: ((فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك)) أي استقررت.
ومع قوله تعالى: ((إليه يصعد الكلم الطيب والعلم الصالح يرفعه)) وكيف يصعد إليه شيء هو معه ؟
أو يرفع إليه عمل وهو عنده ؟
وكيف تعرج الملائكة والروح إليه يوم القيامة ؟
وتعرج بمعنى تصعد يقال: عرج إلى السماء إذا صعد والله عز وجل ذو المعارج والمعارج الدرج فما هذه الدرج وإلى من تؤدي الأعمال الملائكة إذا كان بالمحل الأعلى مثله بالمحل الأدنى ؟
ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه.
ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر وينزل الرزق.
وهنالك الكرسي والعرش والحجب والملائكة.
يقول الله تبارك وتعالى: ((وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون 19 يسبحون الليل والنهار لا يفترون 20)).
وقال في الشهداء: ((أحياء عند ربهم يرزقون)).
وقيل لهم شهداء لأنهم يشهدون ملكوت الله تعالى واحدهم شهيد كما يقال عليم وعلماء وكفيل وكفلاء.
وقال تعالى: ((لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا)).
أي لو أردنا أن نتخذ امرأة وولدا لاتخذنا ذلك عندنا لا عندكم لأن زوج الرجل وولده يكونان عنده وبحضرته لا عند غيره.
والأمم كلها عربيها وعجميها تقول ((إن الله تعالى في السماء)) ما تركت على فطرها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم.
وفي الحديث إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أين الله تعالى ؟))
فقالت: في السماء، قال: ((فمن أنا ؟))
قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال عليه الصلاة والسلام: ((هي مؤمنة)) وأمره بعتقها هذا أو نحوه.
وقال أمية بن أبي الصلت:
فإنّي قد كتبتُ منذ فترة موضوعا بعنوان ((التعصّب المذهبي والخيانة العلمية)) وقد ذكرتُ هذا الدكتور وكيف قام بالتلاعب بكلام الإمام ابن قتيبة رحمه الله تعالى في تحقيقه لكتاب (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح)، وقد رأيتُ اليوم أن أفرد الكلام عنه في هذا الموضوع لخطورة ما جناه على ابن قتيبة وعلى العقيدة السلفية فأقول:
هذا الدكتور هداه الله حرّف كلاما هامّا للإمام ابن قتيبة رحمه الله تعالى في صفتي العلوّ والنّزول لله تعالى.
فقد حرّف هذا الدكتور كلام الإمام ابن قتيبة وصيّره –أي الإمام ابن قتيبة- مفوّضٌ وممّن يقولون بأنّ الله في كلّ مكان !!!
قال دكتور الزراعة (!) السيّد الجميلي هداه الله معلّقا على قول الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله ورضي عنه في معرض كلامه على عقيدته رحمه الله التي مات عليها عقيدة أهل السنّة والجماعة أهل الحديث والأثر كما ذكرها الإمام ابن القيّم في أوّل كتابه ((حادي الأرواح): ((ويُصدّقون [أي أهل الحديث] بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ((أنّ الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر)).
قال الدكتور الجميلي معلّقا:
((وقد ذكر الحديث الإمام ابن فورك في كتابه مشكل الحديث وبيانه بتحقيق موسى محمّد علي (ص 492-497).
وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا)) وذكر الحديث، وقال فيه: فيكون كذلك حتى يصبح الصبح ثمّ يعلو ربنا إلى كرسيّه)).
المرجع السابق ص494.
وقد ذكر ابن قتيبة في كتابه تأويل مختلف الحديث ص 270- ص 276 ط. دار الجيل لا نحتم على النّزول منه بشيء، ولكنّا نبيّن كيف النّزول منّا، وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ، والله أعلم بما أراد.
والنّزول هنا (كذا) قد يكون بمعنيين: أحدها الانتقال من (كذا) مكان إلى مكان، والمعنى الآخر إقبالك على الشيء بالإرادة والنيّة.
وكذلك قوله تعالى: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) وقد أجمع النّاس على أنّه بكلّ مكان ولا يشغله شأن عن شأن.
وكذلك في قوله تعالى: ((إنّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون)) لا يريد أنّه معهم بالحلول، وإنّما بالنّصرة والتّوفيق والحياطة.
وكذلك قوله: ((من تقرّب مني ذراعا تقرّبتُ منه باعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)) المرجع السابق ص274 بتصرّف.)) انتهى كلام هذا الدكتور وهو في ((حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص 41-42 حاشية، دار الكتاب العربي، الطبعة 10 سنة 1422هـ تحقيق ودراسة: د. السيّد الجميلي)).
وهذا العمل من هذا الدكتور من أشدّ ما يكون من أنواع التحريف والخيانة العلمية الناتجة عن التعصّب المذهبي !!
وإليك ما جاء في كتاب ((تأويل مختلف الحديث)) للإمام الأديب الفقيه المحدّث ابن قتيبة الدِينَوْري رحمه الله (ص 250-256 دار الكتب العلمية) ما نصّه:
((قالوا: حديث في التشبيه يكذبه القرآن والإجماع:
قالوا: رويتم أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فيقول: ((هل من داع فأستجيب له ؟ أو مستغفر فأغفر له)).
وينزل عشية عرفة إلى أهل عرفة، وينزل في ليلة النصف من شعبان.
وهذا خلاف لقوله تعالى: ((ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا)).
وقوله جل وعز: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)).
وقد أجمع الناس على أنه بكل مكان، ولا يشغله شأن عن شأن.
قال أبو محمد:
ونحن نقول في قوله: ((ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا)) إنه معهم بالعلم بما هم عليه كما تقول للرجل: وجهته إلى بلد شاسع ووكلته بأمر من أمورك احذر التقصير والإغفال لشيء مما تقدمت فيه إليك فإني معك تريد أنه لا يخفى علي تقصيرك أو جدك للإشراف عليك والبحث عن أمورك وإذا جاز هذا في المخلوق الذي لا يعلم الغيب فهو في الخالق الذي يعلم الغيب أجوز.
وكذلك هو بكل مكان يراد لا يخفى عليه شيء مما في الأماكن فهو فيها بالعلم بها والإحاطة.
وكيف يسوغ لأحد أن يقول إنه بكل مكان على الحلول مع قوله: ((الرحمن على العرش استوى)) أي: استقر.
كما قال: ((فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك)) أي استقررت.
ومع قوله تعالى: ((إليه يصعد الكلم الطيب والعلم الصالح يرفعه)) وكيف يصعد إليه شيء هو معه ؟
أو يرفع إليه عمل وهو عنده ؟
وكيف تعرج الملائكة والروح إليه يوم القيامة ؟
وتعرج بمعنى تصعد يقال: عرج إلى السماء إذا صعد والله عز وجل ذو المعارج والمعارج الدرج فما هذه الدرج وإلى من تؤدي الأعمال الملائكة إذا كان بالمحل الأعلى مثله بالمحل الأدنى ؟
ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه.
ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر وينزل الرزق.
وهنالك الكرسي والعرش والحجب والملائكة.
يقول الله تبارك وتعالى: ((وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون 19 يسبحون الليل والنهار لا يفترون 20)).
وقال في الشهداء: ((أحياء عند ربهم يرزقون)).
وقيل لهم شهداء لأنهم يشهدون ملكوت الله تعالى واحدهم شهيد كما يقال عليم وعلماء وكفيل وكفلاء.
وقال تعالى: ((لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا)).
أي لو أردنا أن نتخذ امرأة وولدا لاتخذنا ذلك عندنا لا عندكم لأن زوج الرجل وولده يكونان عنده وبحضرته لا عند غيره.
والأمم كلها عربيها وعجميها تقول ((إن الله تعالى في السماء)) ما تركت على فطرها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم.
وفي الحديث إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أين الله تعالى ؟))
فقالت: في السماء، قال: ((فمن أنا ؟))
قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال عليه الصلاة والسلام: ((هي مؤمنة)) وأمره بعتقها هذا أو نحوه.
وقال أمية بن أبي الصلت:
مجدوا الله وهو للمجد أهل**** ربنا في السماء أمسى كبيرا
بالبناء الأعلى الذي سبق النا**** س وسوى فوق السماء سريرا
شرجعا ما يناله بصر العين**** ترى دونه الملائك صورا
وصور جمع أصور وهو المائل العنق.
وهكذا قيل في الحديث ((إن حملة العرش صور)) وكل من حمل شيئا ثقيلا على كاهله أو على منكبه لم يجد بدا من أن يميل عنقه.
وفي الإنجيل الصحيح: إن المسيح عليه السلام قال: ((لا تحلفوا بالسماء فإنها كرسي الله تعالى)).
وقال للحواريين: ((إن أنتم غفرتم للناس فإن ربكم الذي في السماء يغفر لكم ظلمكم انظروا إلى طير السماء فإنهن لا يزرعن ولا يحصدن ولا يجمعن في الأهواء وربكم الذي في السماء هو يرزقهن أفلستم أفضل منهن)).
ومثل هذا من الشواهد، كثير يطول به الكتاب.
وأما قوله: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) فليس في ذلك ما يدل على الحلول بهما.
وإنما أراد به أنه إله السماء وإله من فيها وإله الأرض وإله من فيها.
ومثل هذا من الكلام قولك: ((هو بخراسان أمير وبمصر أمير)).
فالإمارة تجتمع له فيهما وهو حال بإحداهما أو بغيرهما وهذا واضح لا يخفى.
فإن قيل لنا: كيف النزول منه جل وعز ؟
قلنا: لا نحتم على النزول منه بشيء ولكنا نبين كيف النزول منا وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ والله أعلم بما أراد.
والنزول منا يكون بمعنيين:
أحدهما الانتقال عن مكان إلى مكان كنزولك من الجبل إلى الحضيض ومن السطح إلى الدار.
والمعنى الآخر إقبالك على الشيء بالإرادة والنية.
وكذلك الهبوط والارتقاء والبلوغ والمصير وأشباه هذا من الكلام.
ومثال ذلك أن يسألك سائل عن محالّ قوم من الأعراب وهو لا يريد المصير إليهم فتقول له: ((إذا صرت إلى جبل كذا فانزل منه وخذ يمينا وإذا صرت إلى وادي كذا فاهبط فيه ثم خذ شمالا وإذا صرت إلى أرض كذا فاعتل هضبة هناك حتى تشرف عليهم)).
وأنت لا تريد في شيء مما تقوله افعله ببدنك إنما تريد افعله بنيتك وقصدك.
وقد يقول القائل: ((بلغت إلى الأحرار تشتمهم وصرت إلى الخلفاء تطعن عليهم وجئت إلى العلم تزهد فيه ونزلت عن معالى الأخلاق إلى الدناءة)).
وليس يراد في شيء من هذا انتقال الجسم.
وإنما يراد به القصد إلى الشيء بالإرادة والعزم والنية.
وكذلك قوله جل وعز: ((إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)) لا يريد أنه معهم بالحلول ولكن بالنصرة والتوفيق والحياطة.
وكذلك قوله تعالى: ((من تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)).
قال أبو محمد وحدثنا عن عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه أن موسى صلى الله عليه وسلم لما نودي من الشجرة ((اخلع نعليك)) أسرع الإجابة وتابع التلبية وما كان ذلك إلا استئناسا منه بالصوت وسكونا إليه.
وقال: ((إني أسمع صوتك وأحس وجسك ولا أرى مكانك فأين أنت ؟ ))
فقال: ((أنا فوقك وأمامك وخلفك ومحيط بك وأقرب إليك من نفسك)).
يريد أني أعلم بك منك بنفسك لأنك إذا نظرت إلى ما بين يديك خفي عنك ما وراءك وإذا سموت بطرفك إلى ما فوقك ذهب عنك علم ما تحتك وأنا لا تخفى علي خافية منك في جميع أحوالك.
ونحو هذا قول رابعة العابدة: ((شغلوا قلوبهم عن الله عز وجل بحب الدنيا ولو تركوها لجالت في الملكوت ثم رجعت إليهم بطرف الفوائد)).
ولم ترد أن أبدانهم وقلوبهم تجول في السماء بالحلول ولكن تجول هناك بالفكرة والقصد والإقبال.
وكذلك قول أبي مهدية الأعرابي: ((اطلعت في النار فرأيت الشعراء لهم كصيص)). يعني التواء.
وأنشد:
جنادبها صرعى لهنّ كصيص
أي التواء.
ولو قال قائل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها البله واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء)) إن اطلاعه فيهما كان بالفكر والإقبال كان تأويلا حسنا)) انتهى كلامه عليه رحمة الله.
وبمقارنة
ما سبق من كلام الإمام ابن قتيبة الذي نقلته بطوله وكلام دكتور البصل
الجميلي (!) يتبيّن أنّ هذا الدكتور هداه الله حذف من كلام ابن قتيبة الشيء
الكثير بل غيّر من بعض الكلمات بل ونسب إليه كلام أهل الرأي الذين ردّ
عليهم ابن قتيبة رحمه الله !!!
فإنّ قول الجميلي: ((وقد أجمع النّاس على أنّه بكلّ مكان ولا يشغله شأن عن شأن.)) هو من كلام أهل الرأي لا من كلام ابن قتيبة !!
والدكتور هداه الله حين نقل هذه المقولة الخبيثة نسبها إلى الإمام ابن قتيبة وجعلها من تفسيره لقوله تعالى: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) !!!
ثمّ انظر إلى هذا الدكتور كيف بدأ كلام ابن قتيبة وحذف منه السؤال الذي أجاب عنه الإمام والذي يبيّن معنى الجواب:
قال ابن قتيبة: ((فإن قيل لنا: كيف النزول منه جل وعز ؟
قلنا: لا نحتم على النزول منه بشيء ولكنا نبين كيف النزول منا وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ والله أعلم بما أراد)).
وهذا يعني أنّ ابن قتيبة يفوّض علم الكيفية لا معنى النّزول.
ولكنّ الدكتور بدأ كلام ابن قتيبة هكذا:
((لا نحتم على النّزول منه بشيء، ولكنّا نبيّن كيف النّزول منّا، وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ، والله أعلم بما أراد)).
وهذا يُشعر أنّ ابن قتيبة مُفوّضٌ لا يدري ما معنى قوله عليه السلام ((ينزل ربنا ...)) وهذا عمل خبيث لا يرضاه الله ورسوله.
ثمّ انظر إلى تغيير هذا الدكتور لبعض الكلمات من كلام ابن قتيبة رحمه الله:
قال ابن قتيبة: ((والنزول منا يكون بمعنيين:
أحدهما الانتقال عن مكان إلى مكان كنزولك من الجبل إلى الحضيض ومن السطح إلى الدار.
والمعنى الآخر إقبالك على الشيء بالإرادة والنية)).
والذي نقله الدكتور الجميلي:
((والنّزول هنا (كذا) قد يكون بمعنيين: أحدها الانتقال من (كذا) مكان إلى مكان، والمعنى الآخر إقبالك على الشيء بالإرادة والنيّة))
فابن قتيبة رحمه الله يتكلّم عن نزول المخلوق والدكتور جعله يتكلّم عن نزول الخالق !!
وابن قتيبة يقول: ((عن مكان إلى مكان)) والدكتور الجميلي يقول: ((من مكان إلى مكان)) !!
وفرق بين الجملة الأولى والثانية كبير !
فالأولى تعني الانتقال من أعلى إلى ما دونه والثانية تعني الانتقال من مكان إلى مكان ولو في نفس المستوى !!
فهل صنع هذا الدكتور ما صنع لينفي صفة العلوّ لله تعالى ؟! لا شكّ في ذلك.
خاصّة أنّه أردف على كلامه السابق قوله:
((وكذلك قوله تعالى: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) وقد أجمع النّاس على أنّه بكلّ مكان ولا يشغله شأن عن شأن. اهـ وهو كما تقدّم كلام خبيث يتنزّه عن مثله الإمام ابن قتيبة عليه رحمة الله.
وبعد اكتشاف هذا التحريف وهذه الخيانة العلمية قلتُ لعلّ هذا التحريف من الطبعة التي اعتمد عليها الدكتور هداه الله لا منه هو ولكن خاب ظنّي حين قابلتُ كلامه بنفس الطبعة التي اعتمد عليها الجميلي في خيانته العلمية وهي طبعة دار الجيل بيروت 1393، 1972م تحقيق: محمد زهري النّجار.(ص 270-276).
فتبيّن لي موافقة هذه الطبعة لطبعة دار الكتب العلمية ومخالفة كلا الطبعتين لكلام الجميلي هداه الله.
فإنّ قول الجميلي: ((وقد أجمع النّاس على أنّه بكلّ مكان ولا يشغله شأن عن شأن.)) هو من كلام أهل الرأي لا من كلام ابن قتيبة !!
والدكتور هداه الله حين نقل هذه المقولة الخبيثة نسبها إلى الإمام ابن قتيبة وجعلها من تفسيره لقوله تعالى: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) !!!
ثمّ انظر إلى هذا الدكتور كيف بدأ كلام ابن قتيبة وحذف منه السؤال الذي أجاب عنه الإمام والذي يبيّن معنى الجواب:
قال ابن قتيبة: ((فإن قيل لنا: كيف النزول منه جل وعز ؟
قلنا: لا نحتم على النزول منه بشيء ولكنا نبين كيف النزول منا وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ والله أعلم بما أراد)).
وهذا يعني أنّ ابن قتيبة يفوّض علم الكيفية لا معنى النّزول.
ولكنّ الدكتور بدأ كلام ابن قتيبة هكذا:
((لا نحتم على النّزول منه بشيء، ولكنّا نبيّن كيف النّزول منّا، وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ، والله أعلم بما أراد)).
وهذا يُشعر أنّ ابن قتيبة مُفوّضٌ لا يدري ما معنى قوله عليه السلام ((ينزل ربنا ...)) وهذا عمل خبيث لا يرضاه الله ورسوله.
ثمّ انظر إلى تغيير هذا الدكتور لبعض الكلمات من كلام ابن قتيبة رحمه الله:
قال ابن قتيبة: ((والنزول منا يكون بمعنيين:
أحدهما الانتقال عن مكان إلى مكان كنزولك من الجبل إلى الحضيض ومن السطح إلى الدار.
والمعنى الآخر إقبالك على الشيء بالإرادة والنية)).
والذي نقله الدكتور الجميلي:
((والنّزول هنا (كذا) قد يكون بمعنيين: أحدها الانتقال من (كذا) مكان إلى مكان، والمعنى الآخر إقبالك على الشيء بالإرادة والنيّة))
فابن قتيبة رحمه الله يتكلّم عن نزول المخلوق والدكتور جعله يتكلّم عن نزول الخالق !!
وابن قتيبة يقول: ((عن مكان إلى مكان)) والدكتور الجميلي يقول: ((من مكان إلى مكان)) !!
وفرق بين الجملة الأولى والثانية كبير !
فالأولى تعني الانتقال من أعلى إلى ما دونه والثانية تعني الانتقال من مكان إلى مكان ولو في نفس المستوى !!
فهل صنع هذا الدكتور ما صنع لينفي صفة العلوّ لله تعالى ؟! لا شكّ في ذلك.
خاصّة أنّه أردف على كلامه السابق قوله:
((وكذلك قوله تعالى: ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) وقد أجمع النّاس على أنّه بكلّ مكان ولا يشغله شأن عن شأن. اهـ وهو كما تقدّم كلام خبيث يتنزّه عن مثله الإمام ابن قتيبة عليه رحمة الله.
وبعد اكتشاف هذا التحريف وهذه الخيانة العلمية قلتُ لعلّ هذا التحريف من الطبعة التي اعتمد عليها الدكتور هداه الله لا منه هو ولكن خاب ظنّي حين قابلتُ كلامه بنفس الطبعة التي اعتمد عليها الجميلي في خيانته العلمية وهي طبعة دار الجيل بيروت 1393، 1972م تحقيق: محمد زهري النّجار.(ص 270-276).
فتبيّن لي موافقة هذه الطبعة لطبعة دار الكتب العلمية ومخالفة كلا الطبعتين لكلام الجميلي هداه الله.